الاثنين، 28 مايو 2012

أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس ديناً

أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس ديناً 
------
قال الإمام الالمعى ابن القيم ( في إعلام الموقعين 2/155)

ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه هو وأصحابه رأى أن أكثر من يُشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا، والله المستعان، وأيُّ دينٍ وأيُّ خير فيمن يرى محارم الله تُنْتَهك وحدوده تُضَاع ودينه يُتْرَك وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرْغَب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان؟ شيطان أخرس! كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مُبالاة بما جرى على الدين؟

وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزعَ في بعض ما فيه غَضَاضة عليه في جاهه وماله بذل وتبذَّل وجَدَّ واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وُسْعِه،

وهؤلاء ـ مع سقوطهم من عين الله ومَقْتِ الله لهم ـ قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب؛ فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل.

الأربعاء، 23 مايو 2012

حسن الخلق مع الله

قال العلامة محمّد بن صالح العثيمين-رحمه الله-:

(( فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.

أيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه )).

[شرح الحديث السابع والعشرين من الأربعين النووية]

آية مِن كنوز القرآن

قال الله تعالى:
 {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].

قال الإمام ابن قيم الجوزية في "بدائع التفسير" (1/536 - 537):


"هذه الآية مِن كنوز القرآن، ن
بَّه فيها على حِكمته - تعالى - المقتضية تمييزَ الخبيث من الطيِّب، وأنَّ ذلك التمييز لا يقع إلاَّ برسله، فاجتبى منهم من شاء، وأرسله إلى عباده؛ فيتميَّز برسالتهم من الطيِّب، والولي من العدوّ، ومَن يصلح لمجاورته وكرامته ممَّن لا يصلح إلا للوقود، وفي هذا تنبيهٌ على الحِكمة في إرسال الرسل، وأنَّه لا بدَّ منه، وأنَّ الله - تعالى - لا يليق به الإخلال، وأنَّ مَن جحد رسله، فما قَدَرَه حقَّ قَدْره، ولا عَرَفه حق معرفته، ونسبَ إليه ما لا يليق به... فتأمَّل هذا الموضع حقَّ التأمل، وأعطِه حظه من الفِكر، فلو لم يكن في هذا الكتاب سواه، لكان من أجلِّ ما يُستفاد، والله الهادي إلى سبيل الرشاد".

المسابقة إلى الطاعات

قال ابن الجوزي رحمه الله حاثًّا على المسابقة إلى الطاعات:

« فالسعيد من وفق لاغتنام العافية، ثم يختار تحصيل الأفضل فالأفضل في زمن الاغتنام، وليعلم أن زيارة المنازل في الجنة على قدر التزيد من الفضائل ها هنا – أي في الدنيا - والعمر قصير والفضائل كثيرة؛ فليبالغ في البدار، فيا طول راحة التعب، ويا فرحة المغمون، ويا سرور المحزون، ومتى تخايل دوام اللذة في الجنة من غير منغص ولا قاطع هان عليه كل بلاء وشدة !! ».

-كتاب صيد الخاطر -

الحقّ يشمل العلم والعمل

قال الشيخ العلامة ناصر البرّاك-حفظه الله-:

(( والحقّ يشمل العلم والعمل " على الحقّ ظاهرين " يعني عالمين به عاملين، يشمل ما جاء به الرسول من الهدى ودين الحق، الهدى الذي هو العلم النافع، ودين الحق الذي هو العمل الصالح، والذين فازوا بأعظم ذلك بعد النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه، فهم الذين تلقوا هذا الدين علما وعملا عن نبيهم، وعملوا به، وجاهدوا عليه، وبلغوا لمن بعدهم، ثم التابعون لهم بإحسان وتابعيهم، ومن صار على نهجهم من أئمة الهدى، في كل زمان من أهل السنة، أهل السنة والجماعة، الذين لزموا منهج السلف الصالح، واستقاموا عليه، وأجلوه وبينوه وبلغوه، أوضحوا المعالم، معالم الطريق )).

-شرح جوامع الأخبار-

الْهُدَى / عبد الرحمان بن ناصر البراك

قال العلامة عبد الرحمان بن ناصر البراك-حفظه الله-:


(( وَالْهُدَى إِذَا أُفِرَدَ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْهُدَى فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَإِذَا اقْتَرَنَ مَعَ الدِّينِ الْحَقِّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، فَاللَّفْظَانِ يَتَّحِدُ مَعْنَاهُمَا إِذَا اجْتَمَعَا كَمَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ.

وَيَدْخُلُ فِي الْهُدَى كُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي تُوجِبُ اعْتِقَادًا، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ التَّشْرِيعَاتِ وَالْأَحْكَامِ، مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ كُلُّهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ.

وَبَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ارْتِبَاطٌ؛ فَالْعِلْمُ يَقْتَضِي الْعَمَلَ، وَالْعَمَلُ يَقُومُ عَلَى الْعِلْمِ، فَالْإِيمَانُ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَتَفَرُّدِهِ يَقْتَضِي عِبَادَتَهُ وَتَعْظِيمَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَخَوْفَهُ )).

الألفة وأخوة مع الاختلاف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله في قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [سورة النساء – الآية 59]، وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم في المسألة العِلمية والعَملية، مع بقاء الألفة والعِصمة وأخوة الدين".

(مجموع الفتاوى ج24، 132).

الأصول التي تنبني عليها سعادة العبد/ ابن القيم

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله:

(( الأصول التي تنبني عليها سعادة العبد ثلاثة ، ولكلّ واحد منها ضدّ ، فمن فقد ذلك الأصل حصل على ضدّه:

التّوحيد وضدّه الشّرك ،
والسّنّة وضدّها البدعة ،
والطّاعة وضدّها المعصية ،

ولهذه الثّلاثة ضدٌّ واحدٌ و هو خلو القلب من الرغبة في الله وفيما عنده ومن الرّهبة منه و ممّا عنده )).

-من كتاب مختصر الفوائد -

إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم

(( تقديم الأموال على الأنفس في الجهاد وقع في جميع القرءان إلا في موضع واحد قدمت فيه الأنفس وهو قوله تعالى في سورة التـوبة 111:
(( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )).

فما الحكمة من ذلك؟


تقديم الأنفس هنا هو الأولى؛
لأنها هي المشتراة بالحقيقة وهي مورد العقد وهي السلعة التي استامها ربها وطلب شراءها لنفسه وجعل ثمن هذا العقد رضاه وجنته .والأموال تبع لها فإذا ملك المشتري النفس ملك مالها فإن العبد وما يملكه لسيده .فحسن تقديم النفس على المال في هذه الآية حسناً لا مزيد عليه )).

-ابن القيم - بدائع الفوائد .

وَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ

قال تعالى : " فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " [الزمر/22] .

أي : لا تلين لكتابه، ولا تتذكر آياته، ولا تطمئن بذكره بل هي معرضة عن ربها ملتفتة إلى غيره فهؤلاء لهم الويل الشديد والشر الكبي
ر " أولئك في ضلال مبين " وأي ضلال أعظم من ضلال من أعرض عن وليه، ومن كل السعادة في الإقبال عليه وقسا قلبه عن ذكره وأقبل على كل ما يضره ؟ . " تفسير السعدي " (ص722).

قال الإمام الطبري رحمه الله : " يقول تعالى ذكره : فويل للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر الله وأعرضت يعني عن القرآن الذي أنزله تعالى ذكره مذكراً به عباده فلم يؤمن به ولم يصدق بما فيه، وقيل : من ذكر الله، والمعنى : عن ذكر الله فوضعت من مكان عن كما يقال في الكلام أتخمت من طعام أكلته وعن طعام أكلته بمعنى واحد ..

وقوله " أولئك في ضلال مبين " يقول تعالى ذكره : هؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر الله في ضلال مبين لمن تأمله وتدبره بفهم أنه في ضلال عن الحق جائر " . أ . هـ . " تفسير الطبري " (23/209)

إنّما يعرف الحقّ من جمع خمسة أوصاف




قال العلامة محمد صديق حسن خان القنوجي - رحمه الله - [ت 1307]:

(( وإنّما يعرف الحقّ من جمع خمسة أوصاف أعظمها: الإخلاص، والفهم، والإنصاف، ورابعها - وهو أقلّها وجوداً، وأكثرها فقداناً -: الحرص على معرفة الحقّ، وشدّة الدّعوة إلى ذلك والبدع والمحدثات قد كثرت، وقد عمت البلوى بالإشراك بها، وكثر الدعاء إليها، والتعويل عليها، وطلاب الحق اليوم شبه طلابه في أيام الفترة؛ وهم سلمان الفارسي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأضرابهما؛ فإنهم قدوة لطالب الحق، وفيهم له أعظم أسوة؛ لما حرصوا على الحق، وبذلوا الجهد في طلبه؛ حتى بلغهم الله إليه، وأوقفهم عليه، وفازوا من بين العوالم الجمة.

فكم أدرك الحقَّ طالبُه في زمن الفترة، وكم عمي عنه من طلبه في زمن النبوة؛ فاعتبر بذلك، واقتد بأولئك الكرام؛ فإن الحق ما زال مصونا عزيزا نفيسا كريماً؛ لا ينال مع الإضراب عن طلبه، وعدم التشوق والإشراف إلى سببه، ولا يهجم على البطالين المعرضين، ولا يناجي أشباه الأنعام الضالين.

ما أعظم المصاب بالغفلة، والاغترار بطول المهلة؛ فليعرف مريد الحق قدر ما هو طالبه، فإنه طالب لأعلى المراتب؛ {وَمَنْ أرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ} [الإسراء : 19]، {خُذُوا مَا ءَاتَيْنَكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} [البقرة : 63]؛ فليس في الوجود بأسره أعز من الإيمان بالله - تعالى - وكتبه ورسله، ومتابعتهم، ومعرفة ما جاءوا به؛ ولا تطلب ذلك أهون الطلب؛ فإن طلبة الدنيا وزخارفها الفانية يرتكبون الأخطار والمتالف الكبار، وينفق أحدهم غضارة عمره، ونضارة شبابه، وإبّان أيامه؛ فيها؛ وهي لا تحْصُل لهم على حسب المراد؛ فكيف بما هو أبقى وخير منها! ولم يرفعوا له رأساً ولم يبنوا له أساساً!

وإنما أطلنا القول لأني أعلم بالضرورة - في نفسي وغيري - أن جهل الحقائقِ أكثرِها إنما سببه عدم الاهتمام بمعرفتها على الإنصافِ وتركِ الاعتساف، لا عدم الفهم والإدراك؛ فإن من اهتم بشيء أدركه؛ فكيف لا يفهم طالب الحق مقاصد الأنبياء والمرسلين والسلف الصالحين؛ مع الاهتمام فيه، وبذل الجهد فيه، وحسن القصد، ولطف أرحم الراحمين!

ولا ينبغي لطالب الحق والصواب أن يصغي إلى من يصده عن كتب الله وما أنزل فيها من الهدى والنور والرحمة لطفًا للمؤمنين ونعمة للشاكرين، وليحذر كل الحذر من زخرفتهم وتشكيكهم، وليعتبر بقول الله لرسوله المعصوم: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء : 73]؛ ويالها من موعظة موقظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولا يستوحش من ظفر بالحق بكثرة المخالفين، وليُوَطِّن نفسه على الصبر واليقين. نسأل الله - تعالى - أن يرحم غربتنا في الحق، ويهدي ضالنا، ولا يرُدَّنا عن أبواب رجائه ودعائه وطلبه ورحمته محرومين.

وخامسها - وهو أصعبها -: المشاركة في العلم والتمييز والفهم والدراية؛ حتى يتمكن من معرفة الحق ومقدار ما يقف عليه؛ فيرغب فيه من غير تقليد؛ لأنه لا يعرف المقادير إلا ذو بصر نافذ، وفهم ماض؛ فإن عرضت له محنة، لم يتطير بطلب الحق، فيكون ممن يعبد الله على حرف، وليثق بمواعيد الله وقرب الفرج قال تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل : 79]، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَـنَّـكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِـنُونَ} [الروم : 60]؛ وليعلم يقيناً أنه - تعالى - مع الصابرين والصادقين والمحسنين، وأن الله سبحانه ناصر من ينصره، وذاكر من يذكره، وإن سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور عائد على متبعيه، ونصر الله شامل لناصريه.

وقد أمر الله تعالى بالمعاونة على البر والتقوى، وصح الترغيب في الدعاء إلى الحق والخير، وأن الداعي إلى ذلك يؤتى مثل أجور من اتبعه، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعاً، ومن أمر بالصلاح والإصلاح؛ ابتغاء مرضات الله؛ فسوف يؤتيه أجراً عظيماً.

وفي سورة العصر قصر السلامة من الخسر على الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر. {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَلِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت : 33].

وأنا أستغفر الله، وأساله التجاوز عني والمسامحة في كل ما أخطأت؛ فإني محل الخطأ والغلط وأهله، وهو - سبحانه - أهل التقوى، والمغفرة، والسعة، والمسامحة، والغنى الأعظم والكرم الأكبر عن مضايقة المساكين والجاهلين؛ إذْ كان الله - سبحانه وتعالى - غنياً عن عرفان العارفين، غير متضررٍ بجهل الجاهلين.

وآخر كلامي كأوله: أن الحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وشفيع المذنبين، وآله الطيبين الطاهرين، وصحبه الراشدين المهديين إلى يوم الدين )).

"قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر"

كلام السّلف أنفع من كلامنا

عن عبد الله بن المبارك قال :

'' قيل لمحمود بن أحمد : ما بال كلام السّلف أنفع من كلامنا ؟
قال : لأنّهم تكلّموا لعِزّ الإسلام , و نجاة النّفُوس , و رضا الرّحمن,
و نحن نتكلّم لعزّ النّفوس , و طلب الدّنيا , و رضا الخلق ''

حلية الأولياء 10\231

أعظم المعاقبة / ابن الجوزي

قال ابن الجوزي رحمه الله – أيضاً - في صيد الخاطر (ص/22) :
(( أعظم المعاقبة أن لا يحسَّ المعَاقَبُ بالعقوبة ، وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ! كالفرح بالمال الحرام ، والتمكُّن من الذنوب ؛ ومن هذه حاله لا يفوز بطاعةٍ
• وإني تدبَّرت أحوال أكثر العلماء والمتزهِّدين فرأيتهم في عقوباتٍ لايحسُّون بها ، ومعظمها من قِبَل طلبهم للرياسة .
• فالعالم منهم يغضب إن رُدَّ عليه خطؤُهُ ، والواعظ متصنِّعٌ بوعظه ! ، والمتزهِّدُ منافقٌ أو مراءٍ .
• فأوَّلُ عقوباتهم إعراضهم عن الحق ؛ اشتغالاً بالخلق .
• ومن خفيِّ عقوباتهم : سلب حلاوة المناجاة ولذَّة التعبُّد .
• إلاَّ رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمنات = يحفظ الله بهم الأرض ؛ بواطنهم كظواهرهم ؛ بل أجلى ، وسرائرهم كعلانيتهم ؛ بل أحلى ، وهممهم عند الثريَّا ؛ بل أعلى ، إنْ عُرِفُوا تنكَّروا ، وإن رُئيت لهم كرامةٌ أنكروا .
• فالناس في غفلاتهم ، وهم في قطع فلواتهم !
• تحبُّهم بقاع الأرض ، وتفرحُ بهم أملاك السماء .

درجات التَواضع / ابن القيِّم

يقول الإمام ابن القيِّم طيّب الله ثراه في كتابه مدارج السالكين في درجات التَواضع :

(التَّواضُع للدِّين: هو الانقياد لما جاء به الرَّسول، والاستسلام له والإذعان، وذلك بثلاثة أشياء:


◄الأوَّل: أن لا يعارِض شيئًا ممَّا جاء به بشيء مِن المعارَضَات الأربعة السَّارية في العالم المسمَّاة: بالمعقول والقياس والذَّوق والسِّياسة.

فالأولى: للمنحرفين أهل الكِبْر مِن المتكلِّمين الذين عارضوا نصوص الوحي بمعقولاتهم الفاسدة، وقالوا: إذا تعارض العقل والنَّقل: قدَّمنا العقل وعزلنا النقل، إمَّا عزل تفويض، وإمَّا عزل تأويل، والثَّاني: للمتكبِّرين مِن المنتسبين إلى الفقه، قالوا: إذا تعارض القياس والرَّأي والنُّصوص: قدَّمنا القياس على النَّص ولم نلتفت إليه، والثَّالث: للمتكبِّرين المنحرفين مِن المنتسبين إلى التَّصوف والزُّهد، فإذا تعارض عندهم الذَّوق والأمر: قدَّموا الذَّوق والحال، ولم يعبأوا بالأمر، والرَّابع: للمتكبِّرين المنحرفين مِن الولاة والأمراء الجائرين، إذا تعارضت عندهم الشَّريعة والسِّياسة: قدَّموا السِّياسة ولم يلتفتوا إلى حكم الشَّريعة، فهؤلاء الأربعة: هم أهل الكِبْر. والتَّواضُع: التَّخلُّص مِن ذلك كلِّه.

◄الثَّاني: أن لا يتَّهم دليلًا مِن أدلَّة الدِّين، بحيث يظنُّه فاسد الدِّلالة أو ناقص الدِّلالة أو قاصرها، أو أنَّ غيره كان أولى منه، ومتى عَرَض له شيء مِن ذلك فليتَّهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه والبليَّة فيه، كما قيل:


وكم من عائب قولًا صحيحًا***وآفته مِن الفهم السَّقيم


ولكن تأخذ الأذهان منهُ***على قدر القرائح والفهوم

وهكذا الواقع في الواقع حقيقةً: أنَّه ما اتَّهم أحدٌ دليلًا للدِّين إلَّا وكان المتِّهم هو الفاسد الذِّهن، المأفون في عقله وذهنه، فالآفة مِن الذِّهن العليل لا في نفس الدِّليل، وإذا رأيت مِن أدلَّة الدِّين ما يُشْكَل عليك وينبو فهمك عنه، فاعلم أنَّه لعظمته وشرفه استعصى عليك، وأنَّ تحته كنزًا مِن كنوز العلم، ولم تؤت مفتاحه بَعْدُ، هذا في حق نفسك، وأمَّا بالنِّسبة إلى غيرك: فاتَّهم آراء الرِّجال على نصوص الوحي، وليكن ردُّها أيسر شيء عليك للنصوص، فما لم تفعل ذلك فلست على شيء ولو.. ولو..، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، قال الشَّافعي -قدَّس الله روحه-: أجمع المسلمون على أنَّ مَن استبانت له سنَّة رسول الله: لم يحلَّ له أن يدعها لقول أحد.

◄الثَّالث: أن لا يجد إلى خلاف النَّص سبيلًا البتَّة: لا بباطنه ولا بلسانه ولا بفعله ولا بحاله، بل إذا أحسَّ بشيء مِن الخلاف: فهو كخلاف المُقْدِم على الزِّنا وشرب الخمر وقتل النَّفس، بل هذا الخلاف أعظم عند الله مِن ذلك، وهو داع إلى النِّفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم.
واعلم أنَّ المخالف للنَّص لقول متبوعه وشيخه ومقلَّده، أو لرأيه ومعقوله وذوقه وسياسته، إن كان عند الله معذورًا -ولا والله ما هو بمعذور- فالمخالف لقوله -لنصوص الوحي- أولى بالعذر عند الله ورسوله وملائكته والمؤمنين مِن عباده.

فوا عجبًا إذا اتَّسع بطلان المخالفين للنُّصوص لعذر مَن خالفها تقليدًا أو تأويلًا أو لغير ذلك، فكيف ضاق عن عذر مَن خالف أقوالهم وأقوال شيوخهم لأجل موافقة النُّصوص؟! وكيف نصبوا له الحبائل وبغوه الغوائل ورموه بالعظائم، وجعلوه أسوأ حالًا مِن أرباب الجرائم؟! فرموه بدائهم وانسلوا منه لواذًا، وقذفوه بمصابهم وجعلوا تعظيم المتبوعين ملاذًا لهم ومعاذًا، والله أعلم)

مدارج السّالكين(3/120)

مما يهون أمر المصيبة على المبتلى

يقول الإمام ابن القيّم طيّب الله ثراه في مدارج السالكين :

ومما يهون أمر المصيبة على المبتلى أن يعد نعم الله وأياديه عنده ، فإذا عجز عن عدها وأيس من حصرها ، هان عليه ما هو فيه من البلاء ، ورآه - بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه - كقطرة من بحر .

أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر

روى الإمام ابن القيّم طيّب الله ثراه في كتابه الرقراق روضة المحبّين ونزهة المشتاقين أن عمر رضي الله عنه كان يتفقد أبا بكر بعد صلاة الفجر فكان يراه إذا صلا الفجر يخرج من المسجد إلى ضاحية من ضواحي المدينة كل يوم فيتساءل ماله يخرج؟
ثم تبعه مرة من المرات فأتى فإذ هو قد دخل خيمة منزوية فلما خرج أبو بكر دخل بعده عمر فإذا في الخيمة عجوزاً حسيرة كسيرة عمياء معها طفلان لها فقال لها عمر: يا أمة الله من أنتي؟

قالت: أنا عجوزاً كسيرة عمياء في هذه الخيمة مات أبونا ومعي بنات لا عائل لنا إلا الله عز وجل قال عمر: ومن هذا الشيخ الذي يأتينكم؟ (وهي لم تعرفه) قالت: هذا شيخ لا أعرفه يأتي كل يوم فيكنس بيتنا ويصنع لنا فطورنا ويحلب لنا شياهنا

فبكى عمر رضي الله عنه وقال:



'أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر'

الثلاثاء، 22 مايو 2012

كلام الشيخ الألباني في كتاب الروح

كتاب الروح لابن القيم رحمه الله

قد سئل الشيخ الألباني رحمه الله : هل يعتمد على كتاب الروح لابن القيم رحمه الله ؟
فأجاب :
لا يعتمد عليه ، ولو كان ابن القيّم عندنا قيّم ، -لكن كتابه إن صحّ نسبته إليه فهو من الكتب التي تشبه ما يؤلّفها النّاشؤون اليوم في العلم والذين يتسّرعون ويخبطون خبطا العشواء في اللّيل الظّلماء ـ ، فالظّاهر إن صحّت نسبة هذا الكتاب لابن القيّم ، كان هذا الكتاب من أوائل ما ألّفه ، يعني قبل أن يتحرّر من التّقليد والجمود الفكري والمذهبي والخرافي.
( سلسلة الهدى والنور – شريط ( 328 – دقيقة " 46 " )

الأحد، 20 مايو 2012

تحكيم الكتاب والسنة

قال ابن القيم في كتابه الفوائد:
 لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما وعدلوا الى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر فى افهامهم ومحق فى عقولهم وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم يروها منكرا.اهـ (ج1 ص 48).

خَاطِرَة : الصَّبْر

خَاطِرَة : الصَّبْر

عَلَمَتْنِي الحَيَاةُ أَنَّ الانْتِصَارَ وَ النَجَاةَ , مِنْ هَوْلِ المَصَائِبِ , وَكَثْرَةِ المَعَايِبِ , وَقِلَّةِ الصَاحِب, وَنُدْرَةِ الخِلان , وَجَفَاءِ الإخْوَان , وَضَعْفِ الأبْدَان , وَهَمَسَاتِ الشَيِطَان , وَقَهْرِ الفَقْر ,وَ نَائِبَاتِ الدَّهْر , كُلُّ ذَلِكَ لا يَكُونُ إِلا بِالصَّبْر ثُــمَّ الصَّبْر ثُمَّ الصَّبْر .

تَنَكَّرَ لِي خَصْمِي وَلَمْ يَدْرِِ أَنَّنِـي ..... أُعِزُّ وَأَحْـدَاثُ الزَّمَـانِ تَهُــونُ
فَبَاتَ يُرِينِي الخَصْمَ كَيْفَ عُتُـوُهُ ..... وَبِتُّ أُرِيهِ الصَّبْـرَ كَيْفَ يَكُـونُ


......................
بدائع الفوائد/ ديـــلمي إبراهيم .

شهادة الملحد جوزيف آرنست في القرآن

تضم مكتبتي آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها،والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة ـ وما أكثر الكتب التي للزينة فقط ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائماً هو كتاب المسلمين القرآن . فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات ، طالعت القرآن حيث أني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة .
.............................
الفيلسوف الفرنسي الملحد جوزيف آرنست ـ
المراحل الثمان لطالب فهم القرآن للعويد .

إن العالم في عذاب/البشير الإبراهيمي

إن العالم في عذاب ، وعندكم كنز الرحمة ، وإن العالم في احتراب ، وعندكم منبع السلم ، وإن العالم في غمة الشك ، وعندكم مشرق اليقين . فهل يجمل بكم أن تعطلوه فلا تنتفعوا به ولا تنفعوا ؟أحيوا قرآنكم تحـيوا به ، حقـقوه يتحقق وجودكم به ، أفيضوا من أسراره على سرائركم ، ومن آدابه عـلى نـفوسكم ،ومن حكمه على عـقولكم ، تكونـوا أطـباء ، ويـكن بكم دواء .


..............................................
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي .

مثاني تقشعر منه الجلود

قال تعالى عن كتابه :

( مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )

المؤمن يتأثر بالقرآن ويقشعر منه جلده ويخاف ثم بعد ذلك ترجع إليه الطمأنينة ولين القلب، ويتفرع على هذه الفائدة أنك إذارأيت نفسك على غيرهذه الحال فاعلم أن إيمانك ضعيف.


....................................
ابن عثيمين - تفسير سورة الزمر.

نصيحة مالك للشافعي

قال مالك لتلميذه الشافعي أول ما لقيه : 
"إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية"، وهذا المعنى الذي نبه عليه الإمام مالك مأخوذ من قوله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } [الأنفال:29]،

يقول ابن القيم: "ومن الفرقان: النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم، وبالله التوفيق".
-------------------------
[إعلام الموقعين]

كيف يكون المرء خيرا لأهله


في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وإذا مات صاحبكم فدعوه ))

قال المناوي رحمه الله مبينا ذلك : أي من يعاملهن بالصبر على أخلاقهن ونقصان عقلهن وطلاقة الوجه والإحسان . وكف الأذى وبذل الندى وحفظهن من مواقع الريب ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لعياله .. اهـ . فيض القدير ( 2/
97)

قال الشوكاني رحمه الله : في ذلك تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر وكثيرا ما يقع الناس في هذه الورطة فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقا وأشحهم نفسا وأقلهم خيرا وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق نسأل الله السلامة .
نيل الأوطار ( 6/260)

تحرير العقول و تحرير الحقول

" تحرير العقول أصعب وأشق من تحرير الحقول "

قال العالم العلامة الشيخ الإمام - أمير البيان - محمد البشير الأبراهيمي رحمه الله في سياق كلامه عن تحرير الجزائر من الإستدمار الفرنسي :
" تحرير العقول أصعب وأشق من تحرير الحقول : ذلك أن تحرير الحقول يستطيع أن يقوم به كل شخص أما تحرير العقول فلا يقدر عليه إلا راسخ في العلم عميق في الفهم صادق في العزم مخلص في القصد "
رحمك الله يا شيخ وجمعنا بكم في جناته

الفرق بين التَّفْل و النَّفْث



جاء في "لسان العرب" (11 / 77) – مادة : "تفل" :
" التَّفْل : لا يكون إِلا ومعه شيء من الريق ، فإِذا كان نفخاً بلا ريق فهو النَّفْث" انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قد يقول قائل : إذا كان الإنسان مع الجماعة فكيف يتفل عن يساره ؟
فالجواب :
إن كان آخر واحد على اليسار أمكنه أن يتفل عن يساره في غير مسجد ، وإلا فليتفل عن يساره في ثوبه في غترته في منديل ، فإن لم يتيسر هذا كفى أن يلتفت عن يساره ويقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (155 / 12) .
وقال أيضا :
" إذا كان الإنسان في جماعة فماذا يصنع ؟ كيف يتفل عن يساره ثلاث مرات ؟ نقول : يكفي أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم بدون تفل لكي لا تؤذي من حولك " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (185 / 45) .

من ترك شيئًا لله عَوَّضه الله خيرًا منه



«إنَّما يجد المشقَّةَ في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله، أمَّا من تركها صادقًا مُخلِصًا مِن قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقَّةً إلاَّ في أَوَّل وهلة، لِيُمتحَن أصادقٌ هو في تركها أم هو كاذب؟ فإن صبر على تلك المشقَّة قليلاً استحالت لذَّة. قال ابن سيرين: سمعت شريحًا يحلف بالله ما ترك عبد لله شيئًا فوجد فقده».

[«الفوائد» لابن القيم: (1/ 107)].

لذّة المناجاة



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
 ونظيره في الدنيا من نَزل به بلاء عظيم أو فاقة شديدة أو خوف مقلق ، فجعل يدعو الله ويتضرع إليه ، حتى فَتح له من لذّة مناجاته ما كان أحبَّ إليه من تلك الحاجة التي قصدها أوّلاً ، ولكنه لم يكن يعرف ذلك أوّلاً حتى يطلبه ويشتاق إليه .

الفتاوى (1/ 28) .

الجمعة، 11 مايو 2012

الإمام ابن كثير رحمه الله يقرر كروية الأرض


لما ذكر الإمام ابن كثير رحمه في تفسيره الحديث التالي:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله تعالى{جنة عرضها السموت والأرض}فأين النار؟ قال: « أرأيت الليل إذا لبس كل شيء، فأين النهار؟ » قال حيث شاء الله، قال: «وكذلك النار حيث شاء عزوجل »
قال:[أحدهما: أن المعنى في ذلك: أنه لا يلزم من عدم مشاعدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان، وإن كنا لا نعلمه، وكذلك النار حيث شاء الله عزوجل، وهذا أظهر كما تقدم في حديث أبي هريرة.
الثاني:أن يكون المعنى: أن النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب، فإن الليل يكون من الجانب الآخر....] عند تفسيره للآيات(130ـ 136)
فعلَّق الإمام أحمد شاكر رحمه الله على هذا الكلام بقوله:[هذا أحد الدلائل على أن كروية الأرض كانت معروفة لعلماء الإسلام قبل أن تخطر ببال الإفرنج ومن شايعهم، ليخزي الله المستهترين بالطعن في علوم الإسلام وعلمائه، جهلا منهم وتقليدا][عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير (1/415)]
وانظر غير مأمور كلام الإمام الألباني في هذه المسألة [فتاوى الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في المدينة والإمارات ص 190(دار الضياء)]

الربح والخسارة / البشير الإبراهيمي

قال الله تعالى :
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءوَلَكِن لاَّتَشْعُرُونَ }[البقرة: 154]
قال الإمام محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله :« ولا نقول ربحنا أو خسرنا، فالربح والخسارة من مفردات قاموس التجّار، أما الجهاد الذي غايته تثبيت الحقائق الإلهية في الأرض وغرس البذور الروحية في الوجود فلغته سماوية لا تحمل معاني التراب، متسامية لا تسفّ إلى ما تحت السحاب، وأما المجاهدون في ذلك السبيل، فلا يعدون الربح والخسارة في آرابهم، ولا يدخلون الوقت- طال أم قصر- في حسابهم »
[الآثار (4/259)]

هذا حرص نملة على قومها، فأين حرصك على قومك


قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }[النمل:18]
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: «قال بعض العلماء: هذه الآية من عجائب القرآن ، لأنها بلفظة {يا} نادت {أيها} نبهت { النمل } عيَّنت { ادخلوا } أمرت { مساكنَكم } نصَّت { لا يحطمنَّكم } حذَّرت { سليمانُ } خصَّت { وجنوده } عمَّت { وهم لا يشعُرون } عَذَرت»[ زاد المسير في علم التفسير]

الاستواء من كلام العرب

قال القرطبي في تفسيره لسورة الفرقان (13/65) : 

وقد ذكر النضر بن شميل قال حدثني الخليل قال: أتيت أبا ربيعة الاعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فلما سلمنا رد علينا السلام وقال لنا: استووا. وبقينا متحيرين ولم ندر ما قال. فقال لنا أعرابي إلى جنبه: أمركم أن ترتفعوا. قال الخليل: هو من قول الله عز وجل:" ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ" فصعدنا إليه فقال: هل لكم في خبز فطير، ولبن هجير، وماء نمير «2»؟ فقلنا الساعة فارقناه. فقال سلاما. فلم ندر ما قال. قال فقال: الاعرابي: إنه سألكم متاركة لا خير فيها ولا شر. فقال الخليل: هو من قول الله عز وجل:" وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً".
قلت : وهذا من معاني الاستواء الا هو " الصعود"
كما قال ابن القيم : فلهم عبارات عليها أربع ... قد حصلت للفارس الطعان ... وهي استقر وقد علا وكذلك ار ... تفع الذي ما فيه من نكران ... وكذاك قد صعد الذي هو رابع ... وأبو عبيدة صاحب الشيباني ... يختار هذا القول في تفسيره ... أدري من الجهمي بالقرآن

وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ/ ابن القيم

قال ابن القيم : 
وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ ، فَالنَّظْرَةُ تُوَلِّدُ خَطْرَةً ، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً ، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً ، ثُمَّ تُوَلِّدُ الشَّهْوَةُ إِرَادَةً ، ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً ، فَيَقَعُ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ ، مَا لَمْ يَمْنَعْمِنْهُ مَانِعٌ ، وَفِي هَذَا قِيلَ : الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ مَا بَعْدَهُ .

 [ الجواب الكافي (106) ]

الوحدة خير من جليس السوء

 قال ابن الجوزي رحمه الله :
كان المريد في بداية الزمان إذا أظلم قلبه أو مرض لبه قصد زيارة بعض الصالحين فانجلى عن نفسه ما أظلم منها.
أما اليوم فمتى حصلت ذرة من الصدق لمريد فردته في بيت عزلة، ووجد نسيماً من روح العافية، ونوراً في باطن قلبه، وكاد همه يجتمع وشتاته ينتظم، فخرج فلقي من يومأ إليه بعلم أو زهد رأى عنده البطالين يجري معهم في مسلك الهذيان الذي لا ينفع.
ورأى صورته منمس، وأهون ما عليه تضييع الأوقات في الحديث الفارغ. فما يرجع المريد عن ذلك الوطن إلا وقد اكتسب ظلمة في القلب وشتاتاً في العزم، وغفلة عن ذكر الآخرة، فيعود مريض القلب. يتعب في معالجته أياماً كثيرة حتى يعود إلى ما كان فيه.
وربما لم يعد لأن المريد فيه ضعف.
وربما فتن فإنه إذا رأى شيخاً قد جرب وعرف ثم يؤثر البطالة، لم يأمن أن يتبعه الطبع.
فالأولى للمريد اليوم أن لا يزور إلا المقابر ولا يفاوض إلا الكتب، التي قد حوت محاسن القوم.
وليستعن بالله تعالى على التوفيق لمراضيه، فإنه إن أراده هيأه لما يرضيه.

الوهابية / البشير الإبراهيمي

إعمال المعاول والمقاول لهدم أضرحة الباطل

«يا قوم!! إنّ الحق فوق الأشخاص، وإنّ السنة لا تسمى باسم من أحياها، وإنّ الوهابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده، ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة، وما ذنبهم إذا أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله وتيسر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟

أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندكم - والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان- تنسبوننا إليهم تحقيرًا لنا ولهم وازدراءً بنا وبهم، وإن فرّقت بيننا وبينهم الاعتبارات فنحن مالكيون برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة، ونحن نُعمِل في طريق الإصلاح الأقلامَ، وهم يُعمِلون فيها الأقدامَ، وهم يُعْمِلُونَ في الأضرحة المعاول ونحن نُعْمِلُ في بانيها المقاول»

[«آثار الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي»: (1/ 123-124)]

الثلاثاء، 8 مايو 2012

لَـيْسَ الخَـبَرُ كَالـمُعَايَنَة

لَـيْسَ الخَـبَرُ كَالـمُعَايَنَة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


- إذا أراد الإنسان أن يوصل خبرا مهما ونبأ ملما إلى قلب صاحبه أو ذهن سامعه , سواء كان الخبر تظلما و شكوى , أو عظة وذكرى , فإنه يستعمل في كلامه الفصاحة والبلاغة , عن طريق أجمل العبارات وألطف الكلمات , ويستعمل في خطابه الصور البيانية والمحسنات البديعية , و هدف المتكلم أن تصل الفكرة تامة كاملة كافية وافية دونما نقصان , في قوالب حِسان , بأدلةٍ وحجةٍ وبرهان كي تصل إلى الأفهام , ولتكون النفس أدعى لقبول الكلام , و أن يصل المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ . لكن الحقيقة أن مع كل تلك البلاغة والمحاولة في تقريب المعنى , و التشبيه البليغ , إلا أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يعيش السامع الواقعة أو الحادثة كما عايشها المتكلم , لأنه ولج أبوابها ودق ناقوسها, وعاين أحداثها ,فشتان بين الأمرين وفرق بينهما كالفرق بين المشرقين ، ولهذا يقول سيد الثقلين عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عباس رضي الله عنهما :( ليس الخبر كالمعاينة ) [1]هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه ويسلم جمع أروع المعاني السامية عبارة قليلة الألفاظ كثيرة المعاني، يتجلى فيها الإيجاز في أروع صوره، وأجمل عبارة , وجوامع الكلم من مفاخر نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ إذ خص بها دون سواه من الأنبياء والمرسلين، بل من البشر أجمعين. وقد أولى جوامع الكلم علماء البلاغة الكثير من العناية , وبلاغة النبي صلى الله عليه وسلم من أبرز مظاهر عظمته ، وأجلى دلائل نبوته ، فهو عليه الصلاة والسلام صاحب اللسان المبين والمنطق المستقيم ، والحكمة البالغة والكلمة الصادقة ، والمعجزة الخالدة وقد زكى الله تعالى نطقه فقال عز وجل :
" وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى " (النجم3-4) . وقال سبحانه :" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ .عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ "(الشعراء193-195) .
- وقوله [ ليس الخبر كالمعاينة ] عبارة تتجلى معناها في كثير من المواضع والوقائع التي عشتها أنا أو أنت أو غيرنا , فإذا شكوت لصاحبك ما تعانيه وما يمر عليك إذا أصابتك مصيبة وداهية وبلاء , وكنت مكلوما مهموما فقد يواسيك صاحبك , لكنه لن يشعر بشعورك أبدا ولن يقاسي ما تقاسيه , فليس المخبر كالمعاين , ويصدق فيه قول الحكمة والمثل المنتشر في مجتمعنا [ لا يحس بالجمر إلا من اكتوى به ]وكذلك الفقير الذي يهتم و يغتم بفقره , ويعيش معه كل ثانية وتراه حزينا مكلوما فإنه لو شكا إليك فاقته وما يجده ستحزن لحاله , لكن لا تشعر بشعوره وبمجرد أن تفارقه ستنساه وتنسى همه , لأنك لا تعيش فقره وكذلك المريض الذي يشكو الضرر والألم لن تشاركه في ضرره ولا في ألمه ولن تشعر أو تحس كما يشعر ويحس هو ,
وكما قيل [ الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ] ولا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجّل , وليس عين اليقين كخبر اليقين .

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –:

[ عين اليقين أقوى من خبر اليقين؛ لقوله تعالى: { أرني كيف تحيي الموتى }؛ لأن إبراهيم عليه السلام عنده خبر اليقين بأن الله قادر؛ لكن يريد عين اليقين؛ ولهذا جاء في الحديث: «ليس الخبر كالمعاينة»؛ وقد ذكر العلماء أن اليقين ثلاث درجات: علم؛ وعين؛ وحق؛ كلها موجودة في القرآن؛ مثال «علم اليقين» قوله تعالى: {كلا لو تعلمون علم اليقين} [التكاثر: 5] ؛ ومثال «عين اليقين» قوله تعالى: {ثم لترونها عين اليقين} [التكاثر: 7] ؛ ومثال «حق اليقين» قوله تعالى: {إن هذا لهو حق اليقين} [الواقعة: 56] ؛ نضرب مثالاً يوضح الأمر: قلت: إن معي تفاحة حلوة - وأنا عندك ثقة؛ فهذا علم اليقين: فإنك علمت الآن أن معي تفاحة حلوة؛ فأخرجتُها من جيبي، وقلت: هذه التفاحة؛ فهذا عين اليقين؛ ثم أعطيتك إياها، وأكلتَها وإذا هي حلوة؛ هذا حق اليقين.[2]

وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا عن قوله :( ليس الخبر كالمعاينة ) بموسى عليه السلام فقال :( إن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت )[1]

قال ابن القيم رحمه الله - : (( فلما قدم موسى عليه السلام ورأى ما أصاب قومه من الفتنة اشتد غضبه وألقى الألواح عن رأسه وفيها كلام الله الذي كتبه له، وأخذ برأس أخيه ولحيته، ولم يعتب الله عليه في ذلك لأنه حمله عليه الغضب لله، وكان الله عز وجل قد أعلمه بفتنة قومه، ولكن لما رأى الحال مشاهدة حدث له غضب آخر فإنه ليس الخبر كالمعاينة ))[3]

وكذلك ضرب مثالا غير مباشر فقال: ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولذهبتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ) [4] .
ونتساءل: لِمَ ؟ نقول : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد الجنة، وشاهد النار، وشاهد ما أعد الله لأوليائه، وما أعد الله لأعدائه ونحن سمعنا وآمنا وما رأينا ولو رأينا لكان عين اليقين ولكان ما قاله الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .

وقال القرطبي رحمه الله :

"وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) : يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة أهوالها ، ومما أعد في النار من عذابها وأنكالها ، ومما أعد في الجنة من نعيمها وثوابها ، فإنه
صلى الله عليه وسلم قد كان رأى كل ذلك مشاهدة وتحقيقا ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ، قليل الضحك ، جُلُّه التبسم" انتهى . [5]

ومما يدلنا على أن الأمر المشاهد له أثر عظيم على النفس ما جاء في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : [ إنَّ لله ملائكةً يطوفونَ في الطُّرق ، يلتمِسُون أهلَ الذِّكر ، فإذا وجدُوا قوماً يذكرون الله - عز وجل - ، تنادوا : هلمُّوا إلى حاجتكم ، فيحفُّونهم بأجنحتهم إلى السَّماء الدُّنيا ، فيسألهُم ربُّهم - وهو أعلمُ بهم - : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبِّحُونَك ، ويكبِّرونك ، ويحمَدُونك ، ويمجِّدونَك ، فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا والله ما رأوْكَ ، فيقول : كيف لو رأوني ؟ فيقولون : لو رأوك ، كانوا أشدَّ لك عبادة ، وأشدَّ لكَ تمجيداً وتحميداً ، وأكثر لك تسبيحاً ، فيقول : فما يسألوني ؟ قالوا : يسألونك الجنَّة ، فيقول : وهل رأوها ؟ فيقولون : لا والله يا ربِّ ، ما رأوها ، فيقول : كيف لو أنَّهم رأوها ؟ فيقولون : لو أنَّهم رأوها ، كانوا أشدَّ عليه حرصاً وأشدَّ لها طلباً ، وأشدّ فيها رغبةً ، قال : فممَّ يتعوَّذونَ ؟ فيقولون : من النَّار ، قال : يقول : فهل رأوها ؟ فيقولون : لا والله يا ربِّ ما رأوها ، فيقول : كيف لو رأوها ؟ فيقولون : لو أنَّهم رأوها ، كانوا أشدَّ منها فراراً ، وأشدّ لها مخافةً ، فيقول الله تعالى : أُشهِدُكم أنِّي قد غفرتُ لهم ، فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلانٌ ليس منهم ، إنَّما جاء لحاجته ، قال : هُمُ الجلساءُ لا يشقى بهم جليسهم ] [6]

فهذا الحديث العظيم الجليل من ربّنا سبحانه وتعالى بيّن ووضح الفرق بين الخبر والمعاينة حين قال : [ كيف لو رأوها ] ففرّقَ بين من رأى ومن سمع واُخبر وأن من رأى سيكون أبلغ في الوصف و التعامل مع المرئي , كمن رأى مثلا ما أعده الله من نعيم سيعمل ويجتهد كي ينال هذا المراد العظيم و يدخل جنات النعيم غير أن الله أخفى ذلك لحكمة وهي أن يعبده الناس حق عبادته , ويأتمرون بما أمر وينتهون عما نهى عنه وزجر وأن يُعبد بما شرع , ولو أنه كان ظاهراً لم يكن للإيمان به مزية لأنه يكون مشاهداً لا يمكن إنكاره ، ثم إنه قد يحمل الناس على أن يؤمنوا كلهم لقوله تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده ) غافر / 84 .


ـــــــــــــ

[1] ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5374 في صحيح الجامع .
[2] تفسير القرآن للشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – ص:5/239 .
[3] إغاثة اللهفان - جزء 2 - صفحة 305.
[4]( صحيح ) انظر حديث رقم : 5263 في صحيح الجامع .
[5] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/557) .
[6] صحيح البخاري 8/107 ( 6408 ) ، وصحيح مسلم 8/68 ( 2689 ).




كتبه : أبو أسامة إبراهيم الديلـمي

طلب العلم حتى آخر رمق


روى المعافى بن زكريا عن بعض الثقات أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري رحمه الله قبل موته وتوفي بعد ساعة أو أقل منها فذكر له هذا الدعاء عن جعفر بن محمد فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبه فقيل له أفي هذه الحال فقال ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى الممات.
وعن فرقد إمام البصرة أنهم دخلوا على سقيان في مرض موته فحدث رجل بحديث فأعجبه وضرب سفيان يده إلى تحت فراشه فأخرج ألواحا فكتبه فقالوا له على هذه الحال منك فقال إنه حسن إن بقيت فقد سمعت حسنا وإن مت فقد كتبت حسنا .

العلماء الربانيين و...المخذولين



القائل : فإذا أردت أن تعرف الفرق بين العلماء الربانيين وبين العملاء المخذولين فانظر إلى الأقوال لا إلى القائلين ، فلا يخدعنك اسم مهما ثقل في الميزان قائله ، ولا تحقرن اسما مهما تواضع قائله ، و زن أقوالهم و أحكامهم بميزان القسط فأن وجدت القول صحيحا فخذ به و احكم له ولو كان صاحبه راسخ القدم عند ذوي السلطان ، فإنه يعلم أن فوقه سلطان أقوى و أقدر من كل سلطان.اه
إن قائل هذه الكلمات ليس سفيان ولا مالك ولا ابن حنبل...وهو كذلك ليس ابن تيمية ولا ابن القيم ولا... ولا ...إنه أحمد بن محمد بن مسعود حماني العلامة الفقيه المالكي الجزائري.
من فتاويه 1/21-22 .

السعودية تسأل والشيخ حماني يجيب




يقول رحمه الله : في سنة 1972م وبعد أن أسندت إلي رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى وفي شهر افريل ورد إلينا سؤال من علماء السعودية يسأل عما لدينا من المعلومات عن حكم زرع الأعضاء ، القلب وغيره ، فوقع الجواب منا في ذلك الشهر مفصلا ، وقلنا بالجواز وأنه عمل مشروع لأنه يتسبب في استمرار الحياة والله يقول : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا . أي من تسبب في قتلها أو احيائها لأن الموت والحياة بيد الله فالمتبرع بعضو يتسبب في امتداد الحياة كالذي يعفو عن الذي وجب عليه القتل أو ينقذ غريقا من الماء ، أو حريقا من النار ، لكن يشترط في المتبرع أن يتبرع بنفسه قبل وفاته ويشترط ألا يتسبب نزع العضو منه في موته ، فإن لم يتبرع ولم يمنع فلوليه أن يتبرع مكانه ويسمح به ومن لم يكن له ولي فالسلطان ولي من لا ولي له فله أن يتبرع بنزع أعضاء الموتى من المسجونين ومن لا ولي لهم ، وقد قبله كبار علماء المملكة العربية السعودية ونشروه ضمن ما ورد إليهم في مجلتهم العلمية في شهر رمضان 1409 هجرية.
فتاوى أحمد حماني 1/29-

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ

يقول الله تعالى:
{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿4﴾}[سورة البلد]
قال الإمام القرطبي رحمه الله :
[قال علماؤنا: أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا قمط قماطا، وشد رباطا، يكابد الضيق والتعب، ثم يكابد الارتضاع، ولو فاته لضاع، ثم يكابد نبت أسنانه، وتحرك لسانه، ثم يكابد الفطام، الذي هو أشد من اللطام، ثم يكابد الختان، والأوجاع والأحزان، ثم يكابد المعلم وصولته، والمؤدب وسياسته، والأستاذ وهيبته، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه ، ثم يكابد شغل الأولاد، والخدم والأجناد، ثم يكابد شغل الدور، وبناء القصور، ثم الكبر والهرم، وضعف الركبة والقدم، في مصائب يكثر تعدادها، ونوائب يطول إيرادها، من صداع الرأس، ووجع الأضراس، ورمد العين، وغم الدين، ووجع السن، وألم الأذن.
ويكابد محنا في المال والنفس، مثل الضرب والحبس، ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة، ولا يكابد إلا مشقة، ثم الموت بعد ذلك كله، ثم مسألة الملك، وضغطة القبر وظلمته، ثم البعث والعرض على الله، إلى أن يستقر به القرار، إما في الجنة وإما في النار، قال الله تعالى: " لقد خلقنا الإنسان في كبد "، فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد.
ودل هذا على أن له خالقا دبره، وقضى عليه بهذه الأحوال، فليمتثل أمره]
[10/301]

الإمام ابن كثير رحمه الله يقرر كروية الأرض


لما ذكر الإمام ابن كثير رحمه في تفسيره الحديث التالي:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله تعالى{جنة عرضها السموت والأرض}فأين النار؟ قال: « أرأيت الليل إذا لبس كل شيء، فأين النهار؟ » قال حيث شاء الله، قال: «وكذلك النار حيث شاء عزوجل »
قال:[أحدهما: أن المعنى في ذلك: أنه لا يلزم من عدم مشاعدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان، وإن كنا لا نعلمه، وكذلك النار حيث شاء الله عزوجل، وهذا أظهر كما تقدم في حديث أبي هريرة.
الثاني:أن يكون المعنى: أن النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب، فإن الليل يكون من الجانب الآخر....] عند تفسيره للآيات(130ـ 136)
فعلَّق الإمام أحمد شاكر رحمه الله على هذا الكلام بقوله:[هذا أحد الدلائل على أن كروية الأرض كانت معروفة لعلماء الإسلام قبل أن تخطر ببال الإفرنج ومن شايعهم، ليخزي الله المستهترين بالطعن في علوم الإسلام وعلمائه، جهلا منهم وتقليدا][عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير (1/415)]
وانظر غير مأمور كلام الإمام الألباني في هذه المسألة [فتاوى الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في المدينة والإمارات ص 190(دار الضياء)]

خير ما تطعمه النفساء/الشنقيطي

قال تعالى في شأن مريم :
(وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا )
قد أخذ بعض العلماء من هذه الآية أن خير ما تطعمه النفساء الرطب فلو  كانشيء أحسن للنفساء من الرطب لأطعمه الله مريم وقت نفاسها بعيسى .
...................
الشنقيطي - أضواء البيان .

الأبدان قبور القلوب/ ابن القيم

قال تعالى : ( إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور )
شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور وهذا من أحسن التـشبيه ،فإن أبدانهم قبور قلوبهم فقد ماتت قلوبهم وقبرت في أبدانهم . ولقد أحسن القائل :
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ..وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم .. وليس لهم حتى النشور نشور

............................................................
ابن القيم ـ إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان .

حب الله لعبده/ ابن القيم

قال تعالى فـــي ســـورة هـــود :( إن ربي رحيم ودود )
وقال سبحانه في سورة البـروج :( وهــو الغفور الودود )
ما ألطف اقتران اسم الـــودود بالرحيــم وبالغـفور .
فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولايحبه وكذلك قد يرحم من لا يحبه والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب إليه و يرحمه و يحبه مع ذلك فإنه يحب التـــوابين

...............................................
ابن القيم - التبيان في أيمان القرءان.

طرفة آذان القاضي و عيون البقر



قال الإمام أبو عبد الله المقري-رحمه الله- في كتابه-الذي هو مفخرة آداب المغاربة-نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب(4/138): وحضر يوما مجلس ابن ذي النون، فقدم نوع من الحلوى يعرف: بآذان القاضي(1)، فتهافت جماعة من خواصه عليها-يقصدون التندير فيه-وجعلوا يكثرون من أكلها، وكان فيما قدم من الفاكهة طبق فيه نوع يسمى: عيون البقر(2)، فقال له المأمون(هو ابن ذي النون المضيف): يا قاضي، أرى هؤلاء يأكلون أذنيك!! فقال: وأنا أيضا آكل عيونهم!! (يقصد أنهم بقر!) وكشف عن الطبق وجعل يأكل منه، وكان هذا من الاتفاق الغريب.

(1)هو المعروف عندنا بـ: ودينات القاضي.
(2)هو المعروف عندنا بـ: العينة، وهناك مناطق كثيرة خاصة من الشرق الجزائري تسميها: عين البقرة، بالقاف العربية.

الخميس، 3 مايو 2012

لماذا قرن الله تعالى بين الغفور والودود


قال الله تعالى: (وهو الغفور الودود ) [البروج:14]قال الإمام السعدي رحمه الله:«والمودة هي المحبة الصافية، وفي هذا سر لطيف، حيث قرن الودود بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم، فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود، كما قاله بعض الغالطين.
بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجل له راحلة، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها في أرض فلاة مهلكة، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، فبينما هو على تلك الحال، إذا راحلته على رأسه، فأخذ بخطامها، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته، وهذا أعظم فرح يقدر.
فلله الحمد والثناء، وصفو الوداد، ما أعظم بره، وأكثر خيره، وأغزر إحسانه، وأوسع امتنانه»[تيسير الكريم الرحمن (1/918)]

أُغَمِّضُ عَيْنِي فيْ أُمُوْرٍ كَثِيْرَة ٍ/علي بن أبي طالب رضي الله عنه


أُغَمِّضُ عَيْنِي فيْ أُمُوْرٍ كَثِيْرَة ٍ
وَإِنِّي عَلَى تَرْكِ الْغُمُوْضِ قَدِيْرُ

وَمَا عَنْ عَمًى أُغُضِي وَلَكِنْ لَرُبَّمَا
تَعَامَى وَأَغْضَى المَرْءُ وَهْوَ بَصِيْرُ
...
وَأَسْكُتُ عَنْ أَشْيَاءَ لو شِئْتُ قُلْتُها
وليس علينا في المقال أمير

أُصَبِّرُ نَفْسِي بِاجْتِهَادِي وَطَاقَتِي
وإِني بِأَخْلاَقِ الجَمِيْعِ خَبِيْرُ

أمير المؤمنين : علي بن أبي طالب رضي الله عنه

من عيون الأدب والسياسة

قال التوحيدي في البصائر والذخائر(2/240): 
قال زياد على المنبر: أما بعد، فإنا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي ملكنا، ونذب عنكم بفيء الله الذي خولنا، فلنا عليكم حق الطاعة فيما أمرْنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا بطاعتكم، وصفوَ مودتنا بمناصحتكم، مع أني مهما قصرت في شيء فلست مقصراً في ثلاث: لست محتجباً عن طالب حاجة منكم، ولو أتاني طارقاً بليل، ولا مجمراً لكم بعثاً ولا حابساً عنكم عطاء، فادعوا الله لأئمتكم بالصلاح، فإنهم ساستكم المؤدبون، وكهافكم التي إليها تأوون، ومتى يهلكوا تهلكوا، ولا تشعروا قلوبكم بغضاءهم فيطول غيظكم ثم لا تظفروا بحاجتكم؛ نسأل الله أن يعين كلا على كل.

فائدة الإطناب/ أبو حامد الغزالي

قال أبو حامد الغزالي في فضائح الباطنية(ص18):

"وفائدة الإطناب الشرح والإيضاح المغني عن التفكر وطول التأمل، وآفته الإملال، وفائدة الإيجاز جمع المقاصد وترصيفها وإيصالها إلى الأفهام على التقارب، وآفته الحاجة إلى شدة التصفح والتأمل لاستخراج المعاني الدقيقة من الألفاظ الوجيزة الرشيقة، والرأي في هذا المقام الاقتصاد بين طرفي التفريط والإفراط، فإن الإطناب لا ينفك عن إملال، والإيجاز لا يخلو عن إخلال، فالأولى الميل إلى الاختصار، فلرب كلام قل ودل وما أملّ".

هم الدنيا - ابن القيم


قال ابن القيّم: 
"لا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همّه ، وهو حريص بجهده على تحصيلها والعذاب هنا هو الألم والمشقة والتعب.. ومن أبلغ العذاب في الدنيا: تشتيت الشمل وتفريق القلب، وكون الفقر نُصب عيني العبد لا يفارقه، ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب .." 

إغاثة اللهفان 1/59.

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق