الثلاثاء، 31 يناير 2012

كيف يعرف الأخ لابن المقفَّع

كيف يعرف الأخ :

قيل لابن المقفَّع: بأيِّ شيءٍ يُعرف الأخ؟

قال: أن ترَى وجهَه مُنبسِطًا، ولسانَه بمودتِه ناطقًا، وقلبَه بِبشرِه ضاحِكًا، ولِقُربِه في المجلس محبَّبًا، وعلى مجاورتِه في الدَّار حريصًا، وله فيما بين ذلك مُكرِمًا.

أخوكَ الذِي لو جِئتَ بالسَّيفِ قاصدًا .. لِتضربَهُ لم يَستغشَّك في الوُدِّ

ولو جئتَ تدعوهُ إلى الموتِ لم يَكُنْ .. يردُّكَ إِشْفاقًا عليكَ مِن الـرَّدِّ

يَـرَى أنَّهُ في ذاكَ وانٍ مُقصِّرٌ .. على أنَّه قد آدَ جهدًا على جهدِ

.......................

من كتاب : الصداقة والصديق  لأبي حيان التوحيدي.

الاثنين، 30 يناير 2012

لماذا يختم الفقهاء مصنفاتهم بباب الإقرار أو العتق

لماذا يختم الفقهاء مصنفاتهم بباب الإقرار أو العتق :

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : ( وأخَّر المؤلف الكلام على الإقرار وإن كان له علاقة بالبيع وغيره؛ تفاؤلاً بأن يختم له بالإقرار بالتوحيد، وسلك كثير من الفقهاء هذا المسلك، وبعضهم ختم كتاب الفقه بكتاب العتق تفاؤلاً بأن يعتقه الله تعالى من النار، ولكلٍّ وجه، لكن الإقرار أتم؛ لأن من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة، فمن كان آخر كلامه الإقرار بالتوحيد دخل الجنة، ودخـول الجنة أبلغ من العتق من النار، وإن كان يلزم من العتق من النار دخول الجنة) .

..........................................
الشرح الممتع على زاد المستقنع .

الأحد، 29 يناير 2012

إشكال في الفاعل

إشكال في الفاعل

كثيرا ما يرد علينا إشكال في الفاعل الذي هو الإسمُ المرفوعُ المذكورُ قبلَهُ فعلُهُ فتارة يخالف الفاعل هذا التعريف كمثل [ مات زيد ] فزيد لم يقم بفعل الموت فلماذا يعرب فاعلا ؟

أجاب عن هذه الجزئية الشيخ العلامة عباس حسن فقال :

" (تحرك الشجر) كلمة الشجر تعرب فاعلا نحويا
لكن هذا الإعراب لا يوافق المعنى اللغوى الواقعى لكلمة (فاعل) وهو من أوجد الفعل حقيقة وباشر بنفسه إبرازه فى الوجود ؛لأن الشجر لم يفعل شيئا إذ لا دخل له فى إيجاد هذا التحرك ولا فى خلقه وجعله حقيقة واقعة بعد أن لم تكن، فليس للشجر عمل إيجابى مطلقا فى إحداث التحرك وكل علاقته به أنه استجاب له وتفاعل معه فقامت الحركة به وخالطته ولابسته من غير أن يكون له اختيار أو دخل فى إيجادها كما سبق. فأين الفاعل الحقيقى الذى أوجد التحرك من العدم وكان السبب الحقيقى فى إبرازه للوجود؟
ليس فى الجملة ما يدل عليه أو على شىء ينوب عنه، فإذا قلنا حرك الهواء الشجر، تغير الأمر فظهر الفاعل الحقيقى المنشىء للتحرك، وبان الموجد له الذى أوقع أثره على المفعول به"
ثم قال
"ومما سبق يتبين...........أن الفاعل النحوى-على الوجه السالف- ليس هو الفاعل الحقيقى، وإنما هو المتأثر بالفعل"اهـ
ومعنى ذلك أننا يجب أن نفرق بين الفاعل على الحقيقة والفاعل من جهة الصناعة النحوية، فالأخير هو محل تأثير العامل، حتى ولو لم يكن هو الفاعل على الحقيقة، وربما من المستحسن أن نذكر هنا بباب معروف فى البلاغة العربية وهو المجاز العقلى.

.................................................. ....................
من كتاب النحو الوافى للعلامة عباس حسن(ج2: 64)

الأغلاطُ المنتخبةُ من " درّة الغوّاص في أوهامِ الخواص " لأبي القـاسم الحريري

الأغلاطُ المنتخبةُ من " درّة الغوّاص في أوهامِ الخواص " لأبي القـاسم الحريري.


درّةُ الغوّاصِ، في أوْهـامِ الخواص.




للقاسمِ بن علي الحريريِّ { 446 * 516 هـ )



قال الشيخ الأجل الأوحد الرئيس أبو محمد القاسم ابن علي الحريري رحمه الله تعالى : أما بعد حمد الله الذي عم عباده بوظائف العوارف ، وخص من شاء منهم بلطائف المعارف ، والصلاة على نبيه محمد العاقب ، وعلى آله وأصحابه أولي المناقب فإني رأيت كثيرا ممن تسنموا أسنمة الرتب ، وتوسموا بسمة الأدب ، قد ضاهوا العامة في بعض ما يفرط من كلامهم ، وترعف به مراعف أقلامهم ، مما إذا عثر عليه ، وأثر عن المعزو إليه ، خفض قدر العلية ، ووصم ذا الحلية .
فدعاني الأنف لنباهة أخطارهم ، والكلف بإطابة أخبارهم ، إلى أن أدرأ عنهم الشبه ، وأبين ما التبس عليهم واشتبه ، لألتحق بمن زكى أكل غرسه ، وأحب لأخيه ما يحب لنفسه .
فألفت هذا الكتاب تبصرة لمن تبصر ، وتذكرة لمن أراد أن يذكر ، وسميته : درة الغواص في أوهام الخواص ، وها أنا قد أودعته من النخب كل لباب ، ومن النكت ما لا يوجد منتظما في كتاب ، هذا إلى ما لمعته به من النوادر اللائقة بمواضعها ، والحكايات الواقعة في مواقعها ، فإن حلي بعين الناظر فيه والدارس ، وأحله القادح لدى القابس ، وإلا فعلى الله تعالى أجر المجتهد ، وهو حسبي وعليه أعتمد .


(1) = استعمال ( سائر ) في الجمْع ( جاء سائرُ القوم ) بل هم بمعنى الباقي، والدليل على صحة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغيلان حين أسلم وعنده عشر نسوة : ( اختر أربعا منهن ، وفارق سائرهن ).

(2) عندَ أهلِ العربية= أصل ( تتـرى ) وترًا، كما في تخَمة وتهَمة وتجاه، أصلهنّ الوخم والوهم والوجه.

(3) يقولون ( أزفَ وقت الرحيل ) بمعنى ضُيّق، بل هو بمعنى اقترب ( أزفت الآزفة ) أي: اقتربت الساعة.

(4) والعرب تقول في كل ما يتوقع حلوله ، ويرصد وقوعه : كأن قد ، أي كأن قد وجد كونه ، وأظل وقعه .

(5) قولهم ( لا أكلمه قط ) وقط في الماضي، بل يُقال ( لا أكلمه أبدًا ) .

(6) يقولون ( قرأت الحواميم والطواسين ) بل ( قرأت آل حم وآل طس ) .

(7) يقولون ( أَدخل باللصّ السجنَ ) وهو غلط ( أدخل اللص السجنَ ) لأنه لا يجمع بين الألف، والباء في التعدية.

(8)لا يقولون للقدح : كأس ألا إذا كان فيها شراب ، ولا للبئر : ركية إلا إذا كان فيها ماء ، ولا للدلو : سجل إلا وفيها ماء ولو قل ، ولا يقال لها : ذنوب إلا إذا كانت ملأى ، ولا يقال أيضا للبستان : حديقة ، إلا إذا كان عليه حائط ، ولا للإناء : كوز إلا إذا كانت له عروة ، وإلا فهو كوب ، ولا للمجلس : ناد إلا وفيه أهله ، ولا للسرير : أريكة إلا إذا كانت عليه حجلة ، ولا للمرأة : ظعينة إلا ما دامت راكبة في الهودج لا يقال للصوف : عهن إلا إذا كان مصبوغا ولا للحطب : وقود إلا إذا اتقدت فيه النار ولا لماء الفم : رضاب إلا ما دام في الفم ، ولا للمرأة : عانس ولا عاتق إلا ما دامت في بيت أبويها.

(9) يقولون ( بعثتُ به وأرسلت إليه ) في المتصرف بنفسه، وليس ذلك إلا فيما يُحمل ( ثم أرسلنا رسلنا ) .

(10) قال أبو القاسم بن عباد =والله لهذه الواو أحسن من واوات الأصداغ في خدود المرد الملاح . ( لا ورحمك الله)

(11)واوُ الثمانية = ( التائبون ... والناهون عن المنكر )(وثامنهم كلبهم) (وفتحتْ أبوابها) في أبواب الجنة .
(12) يقولون ( ذهبتُ إلى عنده ) وعند لا تدخل عليه إلا ( من ) من حروف الجر .
(13) أجرى بعضهم " ليت ، سوف " مجرى الأسماء المتمكّنة، وذلك للضرورة قال الشاعر :


( ليت شعري وأين مني ليت ** إن ليتا وإن سوفا عناء )



(14) من معاني عند ( الحضور * الملكة * الحكم * الفضل والإحسان ) (عندي زيد* عندي مالٌ* زيدٌ عندي أفضل من عمرو * فإنْ أتممت عشرًا فمنْ عندك ) من فضلك وإحسانك.
(15) يقال لمن غضب (اصفر * احمرّ) وليس ذلك إلا فيما هو ثابت، بل يقال ( احمار * اصفار ) لأن الغضب عارض
(16) يقال ( اصطحبَ زيدٌ وعمروٌ معًا ) وهو لغوٌ، لأن صيغة الفعل كفتْ، ومنه ( اختصمَ الرجلان كلاهما ).
(17) قولهم ( جاء زيدٌ وعمرٌو ) اشتركا في المجيئ، وقد يسبق أحدهما الآخر، خلافا لـ( اجتمع زيدٌ مع عمرٍو).
(18) لا يؤكدون بلفظةِ " كل " إلا ما فيه تبعيض، ( ذهب المالُ كله ) لا ( ذهبَ زيدٌ كلّه ) .
(19) لا يصح ( قابلتهما اثنيهما ) لكن يصح ( قابلتُهم ثلاثتهم أربعتهم ) لأن الجمعَ مبهمٌ ، ويردُ عليهُ سؤال قوله تعالى ( فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان ) فالجواب: أفاد الخبر أن فرض الثلثين للأختين تعلق بمجرد كونهما اثنتين على أيةصفة كانتا عليها من كبر أو صغر أو صلاح أو طلاح أو غنى أو فقر ، فقد تحصل من الخبر فائدة لم تحصل من ضمير المثنى .
(20) يقولون ( لعله ندم، لعله قدم) وهذه مناقضة لما ينبئ عن معارضة، بل يقال ( لعله يفعل) لمرجو، لا لما انقضى!
(21) يقولون ( ما أبيضه ، ما أسوده ) بل يقال ( ما أحسن بياضه ) أو ( ابيضّ )، فأفعل يكون من ثلاثيّ.
(22) يقولون ( امتلأتْ بطنُه ) والصواب ( امتلأ ) لأن البطن مذكر ( فإنّك إن أعطيتَ بطنَك سؤلَه .... ) والألْف مذكر، ويؤنثوه.


انتقاها أخونا [ أبو الهمام البرقاوي ]

الحروف التي في أوائل السورة

اختلف في الحروف التي في أوائل السورة على قولين :

القول الأول قول الشعبي عامر بن شراحيل وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين : « هي سرّ الله في القرآن ، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، ولا يجب أن يتكلم فيها ، ولكن يؤمن بها وتُمَرُّ كما جاءت » .
القول الثاني : قول الجمهور من العلماء : « بل يجب أن يُتكلم فيها وتُلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها » . واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولاً :
1 - فقال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما : « الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم ، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها » . 2 - وقال ابن عباس أيضاً : « هي أسماء الله أقسم بها » .
3 - وقال زيد بن أسلم : « هي أسماء للسور » .
4 - وقال قتادة : « هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر » .
5 - وقال مجاهد : « هي فواتح للسور » .قال القاضي أبو محمد عبد الحق صاحب التفسير المسمي ( المحرر الوجيز ): كما يقولون في أول الإنشاد لشهيرالقصائد: « بل » و « لا بل » . نحا هذا النحو أبو عبيدة والأخفش .
6 - وقال قوم : « هي حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب » وهو قول أبي العالية رفيع وغيره .
7 - وقال قطرب وغيره : « هي إشارة إلى حروف المعجم ، كأنه يقول للعرب : إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم ، فقوله { الم } بمنزلة قولك أ ، ب ، ت ، ث ، لتدل بها على التسعة والعشرين حرفاً » .
8 - وقال قوم : « هي أمارة قد كان الله تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتاباً في أول سور منه حروف مقطعة » .
9 - وقال ابن عباس « هي حروف تدل على : أنا الله أعلم ، أنا الله أرى، أنا الله أفصّل »
10 - وقال ابن جبير عن ابن عباس : « هي حروف كل واحد منها إما أن يكون من اسم من أسماء الله ، وإما من نعمة من نعمه ، وإما من اسم ملك من ملائكة ، أو نبي من أنبيائه » .
11 - وقال قوم : « هي تنبيه كـ" يا " في النداء » .
12 - وقال قوم : « روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة » .
من كتاب :المحرر الوجيز لصاحبه [ أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى : 542هـ) ]

أوجه الاتفاق بين كم الاستفهامية والخبرية



(
أوجه الاختلاف بين كم الاستفهامية والخبرية )

1/كم الاستفهامية :
1- الكلام معها انشائي لا يتحمل الكذب والصدق

2- تحتاج اجابة

3- تميزها مفرد دائما

4- تميزها منصوب أصلا

5- يجوز جره اذا تقدمه حرف جر
مثال :

بكم درهماً اشتريت الخاتَم؟

2/ كم الخبرية :

1- الكلام معها اخباري يحتمل الصدق والكذب

2- لا تحتاج إلى جواب

3- تميزها مفرد أو جمع

4- تميزها مضاف إليه مجرور أو

مجرور بحرف جر
5- تختص الخبرية بالماضي فقط

مثال :

وكم علّمتُهُ نظْمَ القوافي * فلمّا قال قافيةً هجاني



( أوجه الاتفاق بين كم الاستفهامية والخبرية )

1- انهما اسمان مبنيان على السكون
2- يحتاجان إلى تميز
3- يقعان في صدر الكلام

هاء الرفعة وهاء الخفض

هاء الرفعة وهاء الخفض :

ـ هاء الرفعة :  
هي الهاء المضمومة في كلمة ( عليهُ ) في قوله تعالى : [ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ] .
الأصل أن تكون الهاء في [ عليهِ ] مكسورة ، ولكن جاءت هنا مضمومة ، والضم علامة الرفع ، والمقام مقام رفعة ، فكأن الرفعة أصابت الهاء في[ عليه ] فكان من غير المناسب أن تبقى مكسورة ، لأن الكسرة لا تناسب هذا الجو ، لذلك تحولت الكسرة إلى الضمة علامة الرفع ، انعكس الجو على حركة الهاء ، والآية أيضاً تتحدث عن الوفاء بالعهد والبيعة ، ولما كان الوفاء بالبيعة دليل على صدق المبايع ، وعلوِّ همته ، ورفعة نفسه، وسمو خلقه ،لذا جاءت الهاء مضمومة ، وكأن علامة الرفع جاءت من قوله تعالى :
يد الله فوق أيديهم .

ـ هاء الخفض :وهناك هاء أخرى في القرآن الكريم ، تقابل هاء الرفعة ، وهي هاء الخفض، وهي الهاء التي دخل عليها حرف الجر [ في ] في قوله تبارك وتعالى: [ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ]

فقد نص علماء القراءات والتجويد على إشباع كسرة الهاء في قوله تعالى :ويخلد فيه مهاناً فتقرأ هكذا ( ويخلد فيهي مهاناً ) بالإشباع مع أن الهاء في مثيلاتها يكتفى بكسرتها ، فلماذا مدت الهاء هنا أكثر من حركتين ، إن وراء الهاء سراً دفيناً وعجيباً ، وهو أن الذي دعا إلى هذا هو السياق الذي وردت فيه ، فقد سبقها ذكر مجموعة من المعاصي والفواحش التي لا يفعلها عباد الرحمن ، ثم ذكرت الآيات ما يترتب على هذه الكبائر من عقوبة ، وهي العذاب المضاعف مهاناً ذليلاً خاسئاً ، ولما نقرأ الآية ونصل إلى قوله تبارك وتعالى : [ ويخلد فيه مهاناً ] يصور الله تعالى لنا المشهد المهيب وكأننا نلحظ بأبصارنا إلقاء صاحب تلك المعاصي وهو يهوي في قاع جهنم ، وحينما نمدُّ الهاء في[ فيه ] أكثر من حركتين ، كأن نفس القارئ ينزل إلى أسفل نحو رئتيه ، وبذلك يساعد على الإنزال والخفض ، وكأننا بهذا المد الخاص هنا فقط نساعد على إنزال المجرم في هوة جهنم ، ومسارعة سقوطه فيها .


منقول .

عبد الحي الكتاني :ما هو ؟ وما شأنه ؟ الشيخ البشير الإبراهيمي

بسم الله الرحمن الرحيم




قال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله :
"عبد الحي الكتاني :ما هو ؟ وما شأنه ؟"

"في لغة العرب لطائف عميقةُ الأثر ، وإن كانت قريبةً في النظر ؛ منها التسمية بالمصدر والوصفُ به ؛ يذهبون بذلك إلى فجٍّ من المبالغة سحيق ، تقف فيه الأذهان حسْرَى ، ويُغالَط به الحسُّ فيتخيل ذَوَبَان الموصوفِ وبقاءَ الصفة قائمةً بذاتها ؛كانَّ الموصوف لكثرة ما ألحَّتْ عليه الصفة وغلبَتْ أصبحَ هو هي أو هو إياها ؛وعند الخنساء الخبرُ اليقين حين تقول :

*فإنما هي إقبال وإدبار*
وعلى هذا يقال في جواب ما هو عبد الحي؟ هو مكيدة مدبرة ، وفتنة مُحَضّرة؛ ولو قال قائل في وصفه :
شَعْوذَةٌ تخْطِرفي حِجْلينِ***وفتنة تَمشي على رجلََيْنِ.
لأراح البيان والتحليل ، كما يقول شوقي ؛ ولعفَّى على أصحاب التراجم ، من أعاريبَ وأعاجم ، ولأتى بالإعجاز ؛في باب الإيجاز ؛إذ أتى بترجمة تُحْمَلُ ببرقيَّة ، إلى الأقطار الغربية والشرقية ، فَيَعُمُّ العلم ، وتنشر الإفادة ، وتذيع الشهرة ...ولو أنّ الرجل وصف نفسَه وأنْصَفَ الحقيقة في وصفها لما زاد على هذا البيت ؛ ولو شاء (تخريج الدلالات السّمعية)(وهو كتاب في أصول الوضائف الشرعية للخزاعي ، اختلس الكتاني نسخة خطية منه من مكتبة عمومية بتونس ، ولما ألحوا عليه في إرجاعها وهددوه بتدخل الحكومة ، سلخ الكتاب ونسخه في كتاب نسبه إلى نفسه وسماه التراتيب الإدارية!.) على ذلك لَما أعجزه ولا أعوَزَهُ؛ولكن أين من عبد الحيّ ذلك الإنصاف الذي لم يَخْلُ منه إلا شيخُ الجماعة الذي حادّ الله وقال :{لآمُرَنَّهُم فلَيُغَيِّرُنَّ خلْقَ الله} وإذا أنصفنا الرجل قلنا : إنه مجموعة من العناصر منها العلم ومنها الظلم ، ومنها الحق ومنها الباطل ؛ وأكثرها الشّرّ والفساد في الأرض-أطلق عليها لكثرتها واجتماعها في ظَرْفٍ-هذا الاسم المركب الذي لا يلتقي مع كثير منها في اشتقاق ولا دلالة وضعية ؛ كما تطلق أسماء الأجناس المرتجلة ، وكما يُطلقُ علماء الكيمياء على مركباتهم أسماءَ لا يلمحون فيها أصلاً من أصولها ، ومن الأسماء ما يوضع على الفال والتخيُّل،فَيَطِيشُ الفال ، وتكذب المَخيلَة ؛ومنها ما يوضع على التّوسّع والتّحيّل ،فيضيق المجال ، وتضيع الحيلة ؛ وإن اسم صاحبنا لم يصدق فيه إلا جزؤه الأول ؛ فهو عبد لعدّة أشياء جاءت بها الآثاروجرَتْ على ألسنة الناس ، ولكنّ أملكها به الاستعمار ؛ أما جزؤه الثاني فليس هو من أسماء الله الحسنى،ولا يخطر هذا ببال مؤمن يعرف الرجل ، ويعرف صفات عباد الرحمن ، المذكورة في خواتيم سورة الفرقان ؛ وإنما هو بمعنى القبيلة ، كما يقال كاهن الحي وعرّاف الحي وعيْر الحي ، وقبح الله الاشتراك اللفظي ، فلو علم العرب أنه يأتي بمثل هذا الالتباس لطهروا منه لغتهم ، وتَحَامَوْهُ فيما تَحامَوْا من المُسْتَهْجنات ؛ ولو أدرك نفاةُ الاشتراك في الاستعمالات الشرعية زمن عبد الحي ، أو أدرك هو زمنهم وعرفوه كما عرفناه لكان من أقوى أدلتهم على نفيه ، ولارتفع الخلاف في المسألة وسجَّل التّاريخ منقبة واحدة لعبد الحي ؛ وهي أن اسمه كان سببا في رفع خلاف...

وإذا كانت أعمال الشخص أو آثار الشيئ هي التي توضع في ميزان الاعتبار وهي التي تناط بها الأحكام فهذا من ذاك ولا عتب علينا ولا ملام.

وكأن صاحبنا شعر ببعض هذا -ومِثْلُهُ من يَشْعر-فموَّه اسمه ببضع كُنى ، ولكنه لم يجرِ فيها على طريقة العرب في تكنية أنفسهم ، بل كَنَى نفسه بأبي الإقبال ، وأبي الإسعاد ،وما أشبه ذلك مما هو غالب في كُنَى العبيد ، تفاؤلاً وتروُّحا ؛ وقد رأينا بعض من كتب لعبد الحي ، أو كتب عليه ، يَكنيه بأبي السعادات ، وهو لا يعني سعادات ابن الشجري ، ولا سعادات ابن الجزري ، وإنما يعني سعادات ثلاثا لكل واحدة منهن أثرٌ في تكوينه أو شهرته :جريدة(السعادة)لأنها تُطريه ، وقرية بو(سعادة) لأنها تُؤويه ، و نسخةً أو جزءاً من البخاري بخط ابن(سعادة) لأن الخزانة الجليلة تحتويه ؛ والرجل مفتون بهذا النوع من الكنى لنفسه ولغيره ، يُغْرب فيها ويُبدع حتى كنى الشيخ النبهاني بأبي الحجاز.

هذا وإنّ لصاحبنا أولاداً صالحين يُشَرِّفُهُ أن يكتني بأحدهم ،فلماذا لم يفعل ؟...

من سنن العرب أنهم يَجعلون الاسم سمةً للطفولة ، والكنيةَ عنوانا على الرجولة ،لذلك كانوا لا يكتَنون إلا بنتاج الأصلاب وثمرات الأرحام من بنين وبنات ، لأنها الامتداد الطبيعي لتاريخ الحياة بهم ،ولا يَرْضَوْنَ بهذه الكُنى والألقاب الرخوة إلاَّ لعبيدهم ؛ وما راجت هذه الكُنىَ والألقاب المهلهلة بين المسلمين إلا يوم تراخت العُرى الشادة لمجتمعهم ، فراج فيهم التخنُّثُ في الشمائل ، والتأنّث في الطباع ، والارتخاء في العزائم ، والنفاق في الدين ، ويوم نسي المسلمون أنفسهم فأضاعوا الأعمال التي يتمجد بها الرجال ، وأخذوا بالسفاسف التي يتَلَهَّى بها الأطفال ؛ وفاتتهم العظَمَةُ الحقيقية فالتمسوها في الأسماء والكنى والألقاب ؛ ولقد كان العرب صخورا وجنادل يوم كان من أسمائهم صخر وجَندلَة ؛ وكانوا غُصَصًا وسموماً يوم كان فيهم مرَّة وحنظلة ؛ وكانوا أشواكاً وأحساكاً يوم كان فيهم قتادة وعوسجة .فانظر ما هم اليوم ؟ وانظر أيّ أثر تتركه الأسماء في المُسَمَّياتِ ؟ واعتبره ذلك في كلمة (سيدي) وأنها ما راجت بيننا وشاعت فينا إلا يوم أضعنا السيادة ، وأفتَلَتتْ من أيدينا القيادة .ولماذا لم تشع في المسلمين يوم كانوا سادة الدنيا على الحقيقة ؛ ولو قالها قائل لعُمر لَهاجَتْ شِرَّتُه ،ولَبَادَرَتْ بالجوابِ درّته.

كُنِيَ المعري وهو صغير بأبي العلاء ، ولو تزوج كالناس وولد له لسَمَّى أكبرأولاده العلاء ؛ وهو اسم عربي فخم تعرف منه كتب السير أمثالَ العلاء بن الحضرمي ؛ ولكن المعري لمَّا عقل وَ أَدْرَكَ سخافة القصد من كنيته قال هازئا:(كُنيتُ وأنا وليد بالعلاء فكأنَّ علاءً مات ، وبقيت العلامات) ؛ وأين إسعاد عبد الحي من علاء المعري ؟

عرف الناس وعرفنا عرفان اليقين وعلمنا حتى ما نُسائل عالما ، أن هذا الرجلَ مازال منذ كان الاستعمار في المغرب -لا كانا-آلة صماء في يده ،يديره كما شاء ، يحركه للفتنة فيتحرك ، ويدعوه إلى تفريق الصفوف فيستجيب، ويندبه إلى التضريب والتخريب فيجده أطوع من بنانه ، ويريد منه أن يكون حُمَّى تُنْهِكُ ، فيكون طاعونا يُهلك ؛ وأن يكون له لسانا ،فيكون لسانا وأذنا وعينا ويدا ورجلا ومقراضا للقطع،وفأسا للقلع ، ومعولا للصدع ؛ وما يشاء الاستعمار إخماد حركة ، إلا كانت يديه البركة ،وما يشاء التشغيبَ على العاملين للصلاح ، والمطالبين بالإصلاح ، إلا رماهم منه بالداهية النَّكراء والصّيْلم الصّلعاء ؛وما يُعْجزُهُ الاضطلاع بعبْء ،أو الاطلاع على خَبْء ، إلا وجد فيه البغية و الضالة ؛وما يشاء التشكيك في رَأي جميع ، أو التشتيت لشمل مجموع ،إلا وجد فيه المُشكك المُحكِّك ،والخادم الهادم ؛وقد تهيأت فيه أدوات الفتنة كلها حتى أنه أُعِدَّ لذلك إعدادا خاصّا.وكأنه (مصنوع بالتّوصية)،وكأنما هو رزق مهيَّأ مهنأ للاستعمار ؛ ومازال الاستعمار مرزوقا بهذا النوع ؛ فالرجل شريف أولا ، وعريق في الشهرة ثانيا، وطرقيٌّ ثالثا، وعالمٌ رابعاً؛وكل واحدة من هذه فتنة ٌلصاحبها بنفسه وللناس به ، فكيف بهنَّ إذا اجتمعن ؟ وكيف بهنَّ إذا كان اجتماعهنَّ في غير موَفَّق ؟ والرجل بارع يستخدم كل واحدة من هذه في ميدانها الخاص ،ويستخدمها جميعا في الميدان العام ؛ يستخدم العلم في الشهرة . والطرقية في الفتنة،فإذا حزَبَ الأمر اتخَذَ من أحدهما طليعة ،ومن الآخر جيشاً، ومن الشهرة أو الشرف رِدْاء؛ ولكنَّ أغلبَ النِّزاعات عليه ، النَّزعة الطرقيَّةُ لأنها أكثرُ فائدة،وأجدى عائدةً؛ وأقرب سبيل ، في باب التضليل ، ناهيك بدعوى لا يحتاج صاحبها إلى إقامة دليل.
كان بلاءُ هذا الرجل محصوراً في محيط ،ومقصورا على قطر،وكان إخواننا في المغرب يعالجون منه الداء العضال: وكنّا نعدُّ أنفسنا آثمين في السُّكوت عنه ، وفي القعود عن نصرة إخواننا في دفع هذا البلاء الأزرق ؛ فلمّا تَنَبَّهَت عقولهم لكيده ، وتفَتَّحَتْ عيونهم لمكره، وتَهاوتْ عليه كواكب الرَّجْمِ من كل جانب ،فَبَطَلَ سِحْرُهُ، وقَصُرَتْ رُقَاهُ عن الاستنزال ، وضلَّ سَعْيُهُ ،وقَلَّ رَعْيُهُ-انقلب استعماراً محضاً قائماً بذاته ، وهاج حقده على الأحرار والسلفيين فترصَّدَ أذاهم في الأنفس والأموال والمصالح ،وأصبح كالعقرب ، لا تلدغ إلا من تحرَّك...
....إن الخطايا قد تحيط بصاحبها فيقتل نفسه مثلا ، ولكن ما صدّقنا أن الحال ينتهي به إلى قتل أمَّة إلاّ هذه المرّة ؛ وإن الزلل ليرسخ إلى أن يصير خُلُقاً وعادة ، ولكن ما عهدنا أنه يفضي بصاحبه إلى هذه الدركة التي لا تُبْلَغُ إلا بخذلان من الله ، وما كنّا نتصوّرُ أنَّ شرَّ شرّير يتَّضعُ قدره إلى هذا الحد، أو يتسع صدره لحمل هذا الوسام ؛ وسبحان من يزيد في الخلق ما يشاء.
وكأنَّ الرَّجُلَ أخذ فيما أخذ عن الاستعمار طريقة التوسع ،وكأنَّه أصغَرَ المغربَ-على سَعَته-أن يكون مجالا لألاعيبه و مكايده ، فجاوز في هذه المرة الحدود ، وتخطّى الأخدود ، واندفع إلى الجزائر و تونس ليبث فيهما سمومه، ويتخذ منهما ملعبا جديدا لروايته التي منها مؤتمر الزوايا بالجزائر، وليقوم للحكومة بما عجزت عنه من استئلاف النافر ،واستنزال العاقّ ،وليوحِّد بين الأقطار الثلاثة ولكن بالتفريق ، وليُنقِذَها من البحر ولكن بالتغريق.
كان عبدُ الحيّ فيما مضى يزور هذا الوطن داعيا لنفسه أو مدعوّاً من أصدقائه ، وهم طائفة مخصوصة ، فَكُنَّا نولِّيهِ ما تولَّى .ولا نأبه به؛ وكانت تبلغنا عنه هنَات كاختصاصه بالجهال وهو عالم ، وانتصاره للطرقية وهو محدّث ؛إلى هنات كلها تمس شرف العلم وكرامة العالم ، فكلنا نُحَمّلُهُ ما تحمَّلَ ولا نبالي به ؛ وكان يزور لماما ، ويقيم أياما ، ولكنه-في هذه المرة- جاء ليتمّم خِطَّة ، ودخل الباب ولم يقل حِطَّة ؛ وصاغ في الجزائر حلقات من تلك السّلسلة التي بدأ صنعَها في المغرب ؛ ودلَّتْنا على ذلك شواهد الأفعال والأقوال والملابسات والظروف ؛ ثم زار تونس ليؤلّف فيها (تكميل التقييد)(...)وكأنه يتحدى بهذه الرّحلة الطويلة رحلةَ أبي الحسن المريني(وهو أنبه ملك في الدولة المرينية ، بلغت فتوحاته إلى حدود ليبيا ، وانتظم المغارب الثلاثة ،وفي غزاته لتونس بنفسه كان المؤرخ ابن خلدون قد ختم بها حياته العلمية وكان بدءاتصاله بالملوك والدول)...
وشتان بين الرحلتين .تلك كانت لتوسيع المماليك ؛ وهذه كانت لتوزيع المهالك ؛ ويا ويحَ الجزائر المسكينة ، كأن لم تكفها الفتن المتماحلة حتى تُزاد عليها فتنة اسمها (مؤتمر الزوايا) ، ولم تَكْفِها النَّكَبَاتُ المتوالية حتى تضاف إليها نكبة اسمها (عبد الحي).
إن في رحلة عبد الحي هذه لآيات ؛منها أن الحكومة أحستْ بإعراض من رجال الزّوايا ،وانصراف عما تريده منهم بطرقها القديمة ، فأرادت أن تؤيِّدَ قُوَّةَ القهر بقوّة السحر؛ فكان عبد الحي الساحر العليم ؛ وآية ذلك أنه زار كلَّ واحد من مشايخ الطرق في داره ،وأقام عنده الليالي والأيام ، ونعتقد أنه تعب في إقناع الجماعة ولمِّ شملهم ؛ وقد سمعنا من عقلائهم عباراتِ التَّشائم بِمَقْدَمِهِ في هذه الظروف ،والتَّبَرُّم بتكاليفه في هذه السنوات العِجاف ؛وإن ضيافة هذا الرَّجل وحدها لأزمة مالية مستقلَّة ؛ ولو كان للجماعة شيئ من الشّجاعة لَوَلّوه الظَّهْرَ،وصارحوه بالنهر ؛ ولكنَّ الشّجاعة حظوظ، والصّراحة أرزاق.


و
يُقال في جواب ما شأنه ؟ إنه الشأن كله ؛ ونُقْسمُ بالله الذي خلق الحيَّ وعبد الحي ، أنه لولاه لَما خطر مؤتمر الزَّوايا على بال واحد منهم ، حاش حواريَّ عبد الحي بتلمسان ، وهو رجل ليس فيه من صفات الحواريين إلا الصَّيد ، وليس هو من الزوايا في قبيل ولا دبير ، ونحن أعرف بالجماعة من عبد الحي ، وقد انصرفوا في السنوات الأخيرة إلى أعمالهم الخاصة وساروا في هوى الأمَّة ، وشاركوا في مشاريعها العامة بقدر الاستطاعة ؛ ولو سَمِعوا نصائحنا لَتَوَلَّوا قيادتها من جديد ولكن بالعلم وإلى العلم ؛ وعلى ماهم عليه فإن القسوة لم تبلغ بهم إلى معاكسة شعور الأمة ، حتّى يعرِسوا في مأتَمِها ، لولا هذا المخلوق.
ثم نسأل عبد الحي . لماذا لم يفعل في المغرب ما فعله في الجزائرفَيَجْمَعَ الزَّوايا على الدَّعوة إلى التعليم ؟ ، إنه لم يفعل لأنه لا يَرى زاويةً قائمة إلا زاويته ، وكل ما عداها فمنفرجة أو حادَّة كما يقول علماء الهندسة ؛ونسأل رجال الزّوايا . لماذا لم يجتمعوا لمؤتمرهم قبل مجيئ عبد الحي؟ و هل هم في حاجة إلى التّذكير بلزوم العلم والتعليم حتى يأتيهم عبد الحي بشيئ جديد في الموضوع ؟.
يا قوم إن الأمر لمدبَّر ؛ إن الأمر لَمدبر عِلمه مَن علمه منكم وجهِله من جهله ؛ و ما نحن بمتزيدين ولا متخرصين.
و لو أن عبد الحي كان غير من كان ، ونزل باسم العلم ضيفا على الأمة الجزائرية غيرَ متحيز إلى فئة ، وغير مسيّر بيد ، وغير متأبط لشر-لَلَقِيَ منها كل إكبار وتبجيل ولو أضافته على الأسوديْن التمر والماء ؛ وإن ذلك لأعظم إعلاءً لقدره ، وإغلاءً لقيمته.
ولقد كان من مقتضى كون الرجل مُحدِّثاً أن يكونَ سَلَفِيَّ العقيدة وقَّافا عند حدود الكتاب والسنَّة ، يرى ما سواهما من وسواس الشيطان ؛ وأن يكون مستقلا في الاستدلال لِما يؤخذ وما يترك من مسائل الدين ؛ و قد تعالتْ هِمَمُ المحدِّثين عن تقليد الأئمة المجتهدين ، فكيف بالمبتدعة الدجَّالين ؛ وعُرِفوا بالوقوف عند الآثار والعمل بها ، لا يَعْدونها إلى قول غير المعصوم إلا في الاجتهادات المحضة التي لا نصّ فيها ؛ ولكن المعروف عن هذا المحدّث أنه قضى عمره في نصر الطرقية وضلالات الطرقيين و مُحْدَثَاتُهُم بالقول والفعل والسّكوت ؛ وأنه خصم لدود للسّلَفيين ، و حربٌ على السلفية ؛ وهل يرجى ممن نشأ في أحضان الطرقية ، وفتح عينيه على ما فيها من مال وجاه وشهوات ميسّرة ومخايل من الملك - أن يكون سلَفيًّا ولو سلسل الدنيا كلها بمسلسلاته ؟.
إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة ؛ فالنشأة أن ينشأ في بيئة أو بيت كل ما فيها يجري على السُّنة عملا لا قولا ؛ والدّراسة أن يدرس من القرآن والحديث الأصول الاعتقادية ، ومن السيرة النبوية الجوانب الأخلاقية والنفسية ؛ ثم يروض نفسه بعد ذلك على الهَدْي المعتصر من تلك السيرة وممن جرى على صراطها من السَّلف ؛ وعبدُ الحي مُحَدِّثٌ بمعنى آخر ، فهو (رواية) بكل ما لهذه الكلمة من معنى . تتصل أسانيده بالجن والحن و رَتَن الهندي ، وبكل من هب ودب ، وفيه من صفات المحدثين أنه جاب الآفاق . ولقي الرجال ، واستوعب ما عندهم من الاجازات بالروايات ، ثمّ غلبت عليه نزعت التجديد فأتى من صفات المحدثين (بالتخفيف) بكل عجيبة ، فهو مُحَدِّثٌ مُحْدِثٌ في آن واحد ؛ وهمُّه وهمُّ أمثاله من مجانين الرواية حفظ الأسانيد ، وتحصيل الإجازات ، و مُكاتبة علماء الهند والسند للاستجازة ، وأن يرحلَ أحدهم فَيَلْقَى رجلا من أهل الرواية في مثل فَواق الحالب ، فيقول له : أجَزْتُك بكل مروياتي ومؤلفاتي إلى آخر(الكليشي) ؛ فإذا عجز عن الرحلة كتبَ مُسْتَجيزا فيأتيه عِلم الحديث بل علوم الدنيا كلها في بطاقة ...أهذا هو العلم ؟ . وإنما هو شيئ اسمه جنون الرواية .
وقد أصاب كاتب هذه السطور مسٌّ من هذا الجنون في أيام الحداثة ، ولم أتبيَّن منشأه في نفسي إلا بعد أن عافاني الله منه وتاب عليّ ؛ ومنشؤه هو : الإدلال بقوة الحافظة ، وكان من آثار ذلك المرض أنني فُتنت بحفظ أنساب العرب ، فكان لا يُرضيني عن نفسي إلا أن أحفظ أنساب مضر وربيعة بجماهرها ومجامعها ، وأن أنسُب جماهيرَ حِمير وأخواتها ، وأن أعرف كل ما أثر عن دغفل في أنساب قريش ، وما اختلف فيه الواقدي و محمد بن السائب الكلبي ؛ ثمّ فُتِنْتُ بحفظ الأسانيد ، و كدتُّ ألتقي عبد الحي في مستشفى هذا الصنف من المجانين بالرواية ، لولا أن الله سَلَّمَ ، ولولا أن الفطرة ألهمتني: أن العلم ما فُهِمَ وهُضَمَ ، لا ما رُوِيَ وطُوِيَ.
زُرْتُ يوما الشيخ أحمد البرزنجي -رحمه الله- في داره بالمدينة المنورة وهو ضرير ، وقد نُمي إليه شيئ من حفظي و لزومي لدور الكتب ، فقال لي بعد خوض في الحديث : أجزتُك بكل مروياتي من مقروء ومسموع بشرطه...إلخ. فألقى في روعي ما جرى على لساني وقلت له : إنك لم تعطني علما بهذه الجُمَلِ ، وأحْر أن لا يكون لي ولا لك أجر ، لأنك لم تتعب في التلقين وأنا لم أتعب في التلقِّي ؛ فتبسم ضاحكا من قولي ولم ينكر ، وكان ذلك بدأ شفائي من هذا المرض ، وإن بقيت في النفس من عقابيل ، تَهيج كلَّما طاف بي طائف العُجب والتعاظم الفارغ إلى أن تناسيته متعمدا ؛ ثم كان الفضل لمصائب الزمان من نسيان البقية الباقية منه ؛ وإذا أسفت على شيئ من ذلك الآن فعلى تناسيّ لأيام العرب ، لأنها تاريخ ، وعلى نسياني أشعار العرب ، لأنها أدب .
وحضرت بعد ذلك طائفة من دروس هذا الشيخ في صحيح البخاري على قلَّتها وتقطعها ؛ وأشهَد أني كنت أسمع منه علما وتحقيقا ؛ فقلت له يوما : الآن أعطيتني أشياء وأحْرِ بنا أن نوجَرَ معا، أنت وأنا ؛ فتبسَّم مبتهجا وقال لي : يا بني هذه الدراية ، وتلك الرواية .فقلت له : إنَّ بين الدراية والعلم نسباً قريباًََ في الدلالة ، تُرادفه أو تقف دونه ؛ فما نسبة الرواية إلى العلم ؟ وقطع الحديث صوت المؤذن ،وقال لي بعد الصلاة : حدثني بحديثك عن نسبة الرواية إلى العلم ، فقلت له ما معناه : إن ثمرة الرواية كانت في تصحيح الأصول وضبط المتون وتصحيح الأسماء ، فلما ضُبطت الأصول وأُمن التصحيف في الأسماء خفّ وزن الرّواية وسقطت قيمتها ، وقلت له : إن قيمة الحفظ -بعد ذلك الضبط - نزلت إلى قريب من قيمة الرواية ، وقد كانت صنعة الحافظ شاقة يوم كان الاختلاف في المتون فكيف بها بعد أن تشعب الخلاف في أفاظ البخاري في السند الواحد بين أبي ذر الهروي ، والأصيلي ، وكريمة ، والمستملي ، والكشميني ، وتلك الطائفة ، وهل قال حدثني أو حدثنا أو كتاب أو باب ؛ إن هذا التطويل ما فيه طائل .ولا أراه علما بل هو عائق عن العلم ؛ وقلت له : إن عمل الحافظ اليونيني(كذا!) على جلالة قدره في الجمع بين هذه الروايات ضرب في حديد بارد ، لا أستثني منه إلا عملَ ابن مالك ؛ وإن ترجيح ابن مالك لإعراب لفظة لأدلُّ على الصحة في اللفظ النبوي من تصحيح الرواية ، وقد يكون الراوي أعجميا لا يقيم للإعراب وزنا ؛ فلماذا لا نعتمد إلى تقوية الملكة العربية في نفوسنا ، وتقويم المنطق العربي في ألسنتنا ، ثم نجعل من ذلك موازين لتصحيح الرواية ، على أن التوسع في الرواية أفضى بنا إلى الزهد في الدراية ، وقلت له : إنك لو وقفت على حلق المحدّثين بهذا الحرم ، محمد بن جعفر الكتاني ومحمد الخضر الشنقيطي وغيرهما لّسمعت رواية وسردا ، لا دراية ودرسا ، وإن أحدهم ليقرأ العشرين والثلاثين ورقة من الكتاب في الدولة الواحدة فأين العلم ؟ وقلت له : إن من قبلنا تنبهوا إلى أن دولة الرواية دالت بضبط الأصول وشهرتها فاقتصروا على الأوائل ، يعنون الأحاديث الأولى من الأمهات وصاروا يكتفون بسماعها أو قرائتها في الإجازات ؛ وما اكتفاء القدماء بالمناولة والوجادة إلا من هذا الباب .
قلت له هذا وأكثرَ من هذا وكانت معارفُ وجهه تدل على الموافقة ولكنه لم ينطق بشيئ.؛وأنا أعلم أن سبب سكوته هو مخالفة ما سمع لما ألفَ-رحمه الله-
ولقيت يوما الشيخ يوسف النبهاني-رحمه الله- بباب من أبواب الحرم فسلّمت عليه فقال لي : سَمعت آنفا درسَك في الشمائل ، وأعجبني إنحيازك باللوم على مؤلفي السِّير في اعتنائهم بالشمائل النبوية البدنية ، وتقصيرهم في القضايا الروحية ، وقد أجزتك بكل مؤلفاتي ومروياتي وكل مالي من مقروء ومسموع من كا ما تضمنه ثبتي ...إلخ. فقلت له : أنا شاب هاجرت لأستزيد علما وأستفيد من أمثالكم ما يكملني منه ، وما أرى عملكم هذا إلا تزهيدا لنا في العلم ؛ وماذا يفيدني أن أروي مؤلفاتك وأنا لم أستفد منك مسألة من العلم ؛ ولماذا لم تنصب نفسَك لإفادة الطلاب ؛ فسَكتَ ، ولم يكن له -رحمه الله- درس في الحرم ، وإنما سمعت من خادم له جَبَرْتي أنه يتلقى عنه في حجرته درسا في فقه الشافعية.
وكان بعد ذلك يُؤثر محلي على ما بيننا من تفاوت كبير في السن ،وتباين عظيم في الفكرة .رحم الله جميع من ذكرنا وألحقنا بهم لا فاتنين ولا مفتونين .
أما أولئك السلف الأبرارفعنايتهم بالرواية والرجال راجعة كلها إلى الجرح والتعديل الذين هما أساس الاطمئنان إلى الرواية ، وقد تعبوا في ذلك واسترحنا ؛ وما قولكم -دام فضلكم -لو فرضنا أن محدث القرن الرابع عشر ومسندَه عبد الحي عُرضَ بعُجَره وبُجَره على أحمد بن حنبل ، أو على يحي بن معين ، أو عليّ بن المديني ، أو على من بعدهم من نقَّاد الرجال الذين كانوا يجرحون بلحظة ، ويسقطون العدالة بغمزة في العقيدة ،أو نَبْزَة في سيرة ، أو بغير ذلك مما يُعَدُّ في جنب عبد الحيّ حسنات وقُرُبات -فماذا نراهم يقولون فيه ؟وبماذا يحكمون عليه ؟ خصوصا إذا عاملوه بقاعدة (الجرح لا يُقبَل إلا مفسَّرًا).
وبعدُ (فقد أطال ثنائي طول لابسه) فليعذرنا عبد الحي ؛ ووالله ما بيننا وبينه تِرَةٌ ولا حسيفة ؛ ووالله ما في أنفسنا عليه حقد ولا ضغينة ؛ ووالله لوددنا لو كان غيرَ من كان ،فكان لقومه لا عليهم ، وإذاً لأفاد هذا الشمال بالكنوز النبوية التي يحفظ متونها ، ونفع هذا الجيل الباحث الناهض المتطلع بخزانته العامرة ، وكان رُوّاد داره تلامذةً يتخرجون ، لا سُيَّاحاً يتفرَّجون؛ وعلماء يتباحثون ، لا عوامَّ يتعابثون ، ولكنه خرج عن طوره في نصر الضلال فخرجنا عن عادتنا من الصبر والأناة في نصر الحق ؛ وجاء يُؤَلِّبُ طائفة من الأمة على مصالح الأمة ، فهاج الأمة كلها ، وهاج معها هذا القلم الذي يمج السمام المُنقَع ، فنفثت هذه الجُمل ، وفي كل جملة ،حَملة ، وفي كل فقرة ، نقرة ؛ فإن عاد بالتوبة ، عدنا بالصفح ؛ وإن زاد في الحَوْبَة ، عدنا على هذا بالشرح ؛ ولعل هذا الأسبوع هو أبرك الأسابيع على الشيخ ، فقد أملينا فيه مجالس في مناقبه جاءت في كُتَيّب ، سميناه -بعد الوضع-(نشر الطيّ ، من أعمال عبد الحي) فإن تاب َوأَدْناهُ ، ووفيناه بما وعدناه ، وإلا عممناه بالرواية ، وأذنّا لعبد الحي في روايته عنا للتبرك واتصال السند ؛ وهو أعلم الناس بجواز رواية الأكابر عن الأصاغر.اهـ.


.................................................. ...................
من كتاب :عيون البصائر (مجموع المقالات التي كتبها ):تأليف العلامة :محمد البشير إبراهيمي، صفحة(607إلى618).طبعة :المكتبة الاسلامية -القاهرة(2007).وقبل ذلك نشر في العدد 33 من جريدة البصائر سنة:1948.

بين مالك بن المرحل وابن أبي الربيع النحوي


 بين مالك بن المرحل وابن أبي الربيع النحوي 

وقعت لفظة [ كان ماذا ] في شعر [ مالك بن المرحل ] فأنكرها [ ابن أبي الربيع ]


وقال: الصواب: [ ماذا كان ] ، فقال مالــك بن المرحل :

عاب قوم كان ماذا *** ليت شعري لِم هذا؟

وإذا عابوه جـهلا *** دون علم كان مـاذا؟

وكثر النزاع بينهما وألف كل منهما في المسألة منتصرا لرأيه.

وكان الذي ألفه مالك كتابا سماه الرميَ بالحصا والضرب بالعصا، وجزأه ثلاثة أجزاء ... ]

............
من كتاب [ النبوغ المغربي ] للشيخ عبد الله كنون (373).

مَثلُ الحياةِ الدُّنيَا

مَثلُ الحياةِ الدُّنيَا :


قال -تَعالى-: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ

الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45].

قال السعدي -رحمهُ الله- :

( يقولُ -تَعالَى- لنبيِّه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-أصلًا-، ولمَن قام بوراثتِه بعده -تبعًا-:

اضرب للنَّاس مَثلَ الحياة الدُّنيا؛ ليتصوَّروها حقَّ التَّصوُّر، ويعرفوا ظاهِرَها وباطنها، فيقيسوا بينها وبين الدَّار الباقية، ويُؤثروا أيهما أولى بالإيثار وأنَّ مثل هذه الحياةِ الدُّنيا كمَثل المَطر، يَنزل على الأرض، فيختلط نباتها، تنبت مِن كلِّ زوج بهيج، فبينا زهرتُها وزخرفها تسرُّ الناظِرين، وتُفرح المُتفرِّجين، وتأخذ بعيون الغافِلين؛ إذ أصبحت هشيمًا تذروهُ الرِّياح، فذهب ذلك النباتُ النَّاضِر، والزَّهرُ الزَّاهر، والمنظر البهيُّ، فأصبحت الأرض غبراءَ ترابًا، قد انحرف عنها النَّظر، وصدف عنها البصرُ، وأوحشت القلبَ!


كذلك هذه الدُّنيا: بينما صاحبُها قد أعجب بشبابِه، وفاق فيها على أقرانِه وأترابِه، وحصَّل درهمَها ودينارَها، واقتطف مِن لذَّته أزهارَها، وخاض في الشَّهواتِ في جميع أوقاتِه، وظن أنه لا يزال فيها سائرَ أيَّامه؛ إذ أصابه الموتُ أو التلفُ لمالِه؛ فذهب عنه سرورُه، وزالت لذتُه وحبورُه، واستوحش قلبُه مِن الآلام، وفارق شبابَه وقوَّتَه ومالَه، وانفرد بِصالحِ أو سيِّئِ أعماله، هنالك يعضُّ الظالم على يدَيْه، حين يعلم حقيقةَ ما هو عليه، ويتمنَّى العودَ إلى الدنيا، لا ليستكملَ الشَّهوات؛ بل ليستدركَ ما فرط منه مِن الغفلات بالتَّوبة والأعمال الصَّالحات.
فالعاقلُ الجازمُ المُوفَّق، يعرض على نفسِه هذه الحالة، ويقول لنفسِه: قدِّري أنكِ قد مِتِّ، ولا بدَّ أن تموتي؛ فأي الحالتَين تختارين؟ الاغترار بزُخرفِ هذه الدَّار، والتمتُّع بها كتمتُّع الأنعام السَّارحة؟ أم العمل لدارٍ أُكلُها دائمٌ وظِلها، وفيها ما تشتهيه الأنفسُ وتلذُّ الأعين؟
فبهذا يُعرف توفيقُ العبد مِن خذلانه، وربحُه مِن خسرانِه ).

..............................................

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان :1/478.

شِعْرٌ منسوب لآدم عليه السلام

شِعْرٌ منسوب لآدم عليه السلام!


جاء في «تاريخ الإمام الطبري 1 /145» :
" وذكر أَنَّ قابيل لما قتل أخاه هابيل بكاه آدم فقال -فيما حدثنا ابن حميد ، قال :
حدثنا سلمة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال:قال عليّ ين أبي طالب
كرم الله وجهه :لما قتل ابن آدم أخاه بكاه آدم ، فقال:

تغيّرتِ البلادُ وَمَنْ عليها ** فوجه الأرض مُغْبَرّ قبيحُ
تغير كلّ ذي طعم ولونٍ ** وقلّّ بَشاشة الوجه المليحِ


قال: فأجيب آدم
أبا هابيل قد قتلا جميعا ** وصار الحيّ كالميْت الذبيحِ
وجاء بِشرَّة قد كان منها ** على خوف فجاء بها يصيحُ


قال الحافظ ابن كثير «البداية والنهاية 1 /221» :
" وهذا الشِّعْرُ فيه نظر ، وقد يكون آدم قال كلاما يتحزّن به بلغته ، فألّفه بعضهم إلى هذا ، وفيه إقواء ، والله أعلم. " اهـ
والإقواء : هو اختلاف حركة الروي ، فحركة الروي في البيت الأول الضمة ، ثم تغيّرتْ في البيت الثاني إلى الكسرة.

وقال الإمام الرازي «مفاتيح الغيب 11 /214» :
" فإن ذلك الشعر في غاية الركاكة لا يليق بالحمقى من المعلمين ، فكيف ينسب إلى مَنْ جعل اللهُ عِلْمَهُ حُجَّةً على الملائكة ".



- منقول بتصرف -

حكم شعر الغزل

حكم شعر الغزل


سؤال: ما حكم شعر الغزل ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الشعر في أصله مباح ، فهو كلام موزون ، والأصل في الكلام الإباحة والجواز ، ولكن تجري فيه الأحكام الفقهية الخمسة بحسب موضوعه ومقصوده والغاية منه . ولذلك قال الإمام الشافعي كلمته المشهورة : " الشعر كلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام " انتهى .
"الأم" (6/224) ، ورويت هذه الكلمة مرفوعة مرسلة ، ورويت عن بعض السلف أيضا.


ثانيا :

لا حرج في شعر الغزل بالضوابط الآتية :

1- ألا يكون تشبيبا بامرأة معينة ، ينتهك فيها الشاعر حرمة من حرمات المسلمين ، ويعتدي على عرض مصون من أعراضهم ، فإذا كان تغزلا معروفا بامرأة معينة كان من كبائر الذنوب ، فقد قال الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/58 .

2- ألا يكون من الغزل الفاحش الذي يشتمل على وصف جسد المرأة بما يثير شهوة السامع والقارئ ، أو يصف فيه الشاعر شيئا من علاقته الآثمة مع تلك المرأة ، فهذا كله من فاحش الكلام الذي جاء الإسلام لصيانة ألسنة الناس وأسماعهم عنه ، حفظا للمجتمعات من انتشار الرذيلة والافتخار بها كما هي عادة أهل الجاهلية القديمة والمعاصرة .

3- ألا يرافقه الغناء والمعازف على الطريقة المعروفة اليوم مما يعتاده أهل المعاصي والشهوات .

4- وإذا كان الشاعر يتغزل بمن يحل له التغزل بها كالزوجة : فلا حرج إذا كان الشعر محصورا بينه وبينها ولا يطلع عليه أحد ، فإذا أراد نشره فلا يجوز أن ينشر منه ما يصف فيه جمال زوجته ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها ، فمن باب أولى عدم جواز نعت الرجل زوجته للسامعين .

فإذا عرفت هذه الضوابط تبين أن الكثير مما ينتشر اليوم من أشعار الغزل الفاحش ، كأشعار نزار قباني وغيره ، هو من قبيح الكلام الذي لا ينشر في المجتمعات إلا لغة الشهوة والرذيلة ، وأنه من الشعر الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ) رواه البخاري (6154) ومسلم (2257) .

قال ابن القيم رحمه الله : " غالب التغزل والتشبيب إنما هو في الصور المحرمة ، ومن أندر النادر تغزل الشاعر وتشبيبه فى امرأته وأمَته وأُمُّ ولده ، مع أن هذا واقع ، لكنه كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود " انتهى.
"مدارج السالكين" (1/486) .


ثالثا :

ننقل هنا بعض نصوص الفقهاء الدالة على التفصيل السابق :
قال ابن قدامة رحمه الله : " التشبيب بامرأة بعينها والإفراط في وصفها ذكر أصحابنا أنه محرم ، وهذا إن أريد به أنه محرم على قائله فهو صحيح ، وأما على راويه فلا يصح ، فإن المغازي تروى فيها قصائد الكفار الذين هاجوا بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا ينكر ذلك أحد ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الشعر الذي تقاولت به الشعراء في يوم بدر وأحد وغيرهما ، إلا قصيدة أمية بن أبي الصلت الحائية ، وكذلك يروى شعر قيس بن الحطيم في التشبيب بعمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة ، وأم النعمان بن بشير ، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قصيدة كعب بن زهير ، وفيها التشبيب بسعاد ، ولم يزل الناس يروون أمثال هذا ولا ينكر ، وروينا أن النعمان بن بشير دخل مجلسا فيه رجل يغنيهم بقصيدة قيس بن الحطيم ، فلما دخل النعمان سكتوه من قبل أن فيها ذكر أمه ، فقال النعمان : دعوه ، فإنه لم يقل بأسا ، إنما قال :
وعمرة من سروات النسا ءِ تنفح بالمسك أردانها
وكان عمران بن طلحة في مجلس ، فغناهم رجل بشعر فيه ذكر أمه ، فسكتوه من أجله ، فقال : دعوه ، فإن قائل هذا الشعر كان زوجها " انتهى .
"المغني" (12/44) .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله – في ذكر صور من الشعر المحرم المستثنى من الجواز الأصلي - : " ( أو ) إلا أن ( يُعَرِّض ) وفي " المحرر " وغيره : يُشَبِّب ( بامرأة معينة ) غير زوجته وأمته ، وهو ذكر صفاتها من طول وقصر وصدغ وغيرها ، فيحرم ، وترد به الشهادة ، لما فيه من الإيذاء .
واحترز بالمعينة عن التشبيب بمبهمة ، فلا ترد شهادته بذلك ، كذا نص عليه ، ذكره البيهقي في سننه ، ثم استشهد بحديث كعب بن زهير وإنشاده قصيدته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن التشبيب صنعته ، وغرض الشاعر تحسين الكلام ، لا تخصيص المذكور .
أما حليلته من زوجته أو أمته فلا يحرم التشبيب بها ، كما نص عليه في " الأم " ، خلافا لما بحثه الرافعي ، وهو قضية إطلاق المصنف ، ونقل في " البحر " عدم رد الشهادة عن الجمهور ، ويشترط أن لا يكثر من ذلك ، وإلا ردت شهادته ، قاله الجرجاني .
ولو شبب بزوجته أو أمته مما حقه الإخفاء ردت شهادته لسقوط مروءته ، وكذا لو وصف زوجته أو أمته بأعضائها الباطنة ، كما جرى عليه ابن المقري تبعا لأصله ، وإن نوزع في ذلك " انتهى .
"مغني المحتاج" (4/431)

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12/14) : " يحرم التشبيب بامرأة معينة محرمة على المشبب أو بغلام أمرد ، ولا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصفات الحسية والمعنوية لامرأة أجنبية محرمة عليه ، ويستوي في ذلك ذكر الصفات الظاهرة والباطنة ، لما في ذلك من الإيذاء لها ولذويها ، وهتك الستر والتشهير بمسلمة .
أما التشبب بزوجته أو جاريته فهو جائز ، ما لم يصف أعضاءها الباطنة ، أو يذكر ما من حقه الإخفاء ، فإنه يسقط مروءته ، ويكون حراما أو مكروها ، على خلاف في ذلك .
وكذا يجوز التشبيب بامرأة غير معينة ، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدل على التعيين ؛ لأن الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور ، فإن نصب قرينة تدل على التعيين فهو في حكم التعيين .
وليس ذكر اسم امرأة مجهولة كليلى وسعاد تعيينا ، لحديث : كعب بن زهير : وإنشاده قصيدته المشهورة " بانت سعاد . . بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم : (101720) .

والله أعلم .



الإسلام سؤال وجواب

من نوادر العرب : ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة



من نوادر العرب : ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة !



قال الزبيدي : قد عَقَدَ ابنُ القَطَّاع ، في كِتاب الأَبْنِيَة له ، لهذَا المُبْحَثِ فَصْلاً يخُصّه ، فقال :

فَصْلٌ : ولَمْ تَبْن العَرَبُ كَلمَةً تَكُون فاءُ الفعْلِ وعَيْنُه ولاَمُه فِيهَا مِنْ مَوْضعٍ وَاحِدٍ اسْتِثْقَالاً لذلِك ، إِلاّ أَنَّه قد جاءَ في الأَسْمَاءِ غلامٌ بَبَّةٌ ، أَي سَمينٌ .
وقال عُمَرُ بنُ الخَطَّاب ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه : لأَجْعَلَنَّ النَّاس
بَبَّاناً وَاحداً
وقولُهُم : في لسَانهِ
هَهَّةٌ ، وهي شَبيهَةٌ باللُّثْغَةِ
وقولُهُم : قَعَد الصَّبيُّ على
قَقَقِه وصَصَصه ، أَي حَدَثه ، ولا يُعلَمُ في الأَسْمَاءِ غَيْرُ ذلكَ وأَفْعَالُهَا:

هَهَّ يَهَهُّ هَهَّةً

وقَقَّ يَقَقُّ قَقَقاً

وصَصَّ يَصَصُّ صَصَصاً

ولم أَسْمَعْ لِبَبَّة بِفعْلٍ وجاءَ في الفِعْل حَرْفٌ وَاحدٌ ، وهو قَوْلُهُمْ :

زَزَزْتُه أَزُزُّه زَزّاً ، أَي صَفَعْتُه ....



تاج العروس :18/23

الفرزدق يعظ الحسن البصري

الفرزدق يعظ الحسن البصري !
الفَرَزْدَقُ أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بنُ غَالِبٍ التَّمِيْمِيُّ
الذي قال عنه الذهبي :

"شَاعِرُ عَصْرِهِ، أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بنُ غَالِبِ بنِ صَعْصَعَةَ بنِ نَاجِيَةَ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ.

وَيَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.

كَانَ وَجْهُهُ كَالفَرَزْدَقِ، وَهِيَ الطُّلْمَةُ (الرغيفة) الكَبِيْرَةُ.

فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ، فَكَانَ أَشْعَرَ أَهْلِ زَمَانِهِ مَعَ جَرِيْرٍ وَالأَخْطَلِ النَّصْرَانِيِّ.

"سير أعلام النبلاء 4/590"

ذكره ابن حبان في " المجروحين"2/204"

وقال " وكان الفرزدق ظاهر الفسق هتاكا للحرم قذافا للمحصنات، ومن كان فيه خصلة من هذه الخصال استحق مجانبة روايته على الاحوال"

قال بن المبرد:

" ويروى أنه اجتمع هو والحسن البصري في جنازة فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، أتدري ما

يقول الناس؟ قال: لا، قال: يقولون اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، فقال الحسن:

كلا لستُ بخيرهم ولستَ بشرهم، ولكن ما أعددتَ لهذا الموضع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله

منذ سبعين سنة، فقال الحسن: خذها والله من غير فقيه، ثم أنشأ الفرزدق يقول:

أخاف وراء القبر إن لم يُعافِني -*- أشدّ من القبر التهاباً وأضيقا

إن قادني نحو القيامة قائدٌ -*- عنيفٌ وسَوّاقٌ يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدمَ من مشى -*- إلى النار مغلولَ القِلادة أزرقا

يُقادُ إلى نار الجحيم مُسَربلاً -*- سرابيلَ قَطْرانٍ لباساً مُمزّقا

إذا شربوا فيها الصديدَ رأيتَهم -*- يذوبون من حرِّ الجحيم تحرّقا

فلما مات الفرزدق رُؤي في المنام فقيل: ما صنع بك ربُّك؟ فقال: غفر لي، فقيل: بماذا؟ قال:

بالكلمة التي نازعنيها الحسن على شفير القبر."

الفاضل"1/34"

ترتيب أحداث يوم القيامة



ترتيب أحداث يوم القيامة



قال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله- :
ما يحصل يوم القيامة وما يكون فيه الذي جاء في الكتاب والسنة أشياء كثيرة، مثل ما ذَكَرْ قيام الناس، الحوض، الميزان، الصحف، الحساب، العرض، القراءة، تطاير الصحف، الكتاب، الصراط، الظلمة، وهذه أشياء متنوعة، فكيف ترتيبها؟ الظاهر والذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم أنَّ ترتيبها كالتالي:
1 - إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر، ثم يقومون في أرض المحشر قياماً طويلا، تشتد معه حالهم وظمؤُهُم، ويخافون في ذلك خوفاً شديداً؛ لأجل طول المقام ويقينهم بالحساب وما سيُجري الله - عز وجل - عليهم.
2 - فإذا طال المُقام رَفَعَ الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم أولاً حوضه المورود، فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة إذا اشتد قيامهم لرب العالمين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
فمن مات على سنّته غير مًغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ وَرَدَ عليه الحوض وسُقِيَ منه فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيَاً من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه، فيُسْقَى منه صالح أمته.
3 - ثم يقوم الناس مُقاماً طويلاً ثم تكون الشفاعة العظمى -شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- بأن يُعَجِّلَ الله - عز وجل - حساب الخلائق في الحديث الطويل المعروف أنهم يسألونها آدم ثم نوحاً ثم إبراهيم إلى آخره، فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له: يا محمد، ويصِفُونَ له الحال وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب، فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك، يقول «أنا لها، أنا لها»، فيأتي عند العرش فيخر فيحمد الله - عز وجل - بمحامد يفتحها الله - عز وجل - عليه، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب.(1)
4 - بعد ذلك يكون العرض -عرض الأعمال-.
5 - ثم بعد العرض يكون حساب.
6 - وبعد الحساب الأول تتطاير الصحف، والحساب الأول من ضمن العرض؛ لأنه فيه جدال ومعاذير، ثُمَّ بعد ذلك تتطاير الصحف ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين وأهل الشمال كتابهم بشمالهم فيكون قراءة الكتاب.
7 - ثم بعد قراءة الكتاب يكون هناك حساب أيضاً لقطع المعذرة وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب.
8 - ثم بعدها يكون الوزن، الميزان، فتوزن الأشياء التي ذكرنا.
9 - ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله، وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم، ولواء إبراهيم، ولواء موسى إلى آخره، ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم، كل شَكْلٍ إلى شكله.والظالمون والكفرة أيضاً يُحْشَرُونَ أزواجاً يعني متشابهين كما قال {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ(22)مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الصافات:22-23]؛ يعني بأزواجهم يعني أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة، ويُحْشَرْ منكري البعث مع منكري البعث، ويُحْشَرْ منكري الرسالة وهكذا في أصناف.
10 - ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله، فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون، ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ(13)يُنَادُونَهُم ْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى}[الحديد:13-14] الآيات، فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور فيُبْصِرُون طريق الصراط، وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور فيكونون مع الكافرين يتهافتون في النار، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله.
11 - ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول: «اللهم سلّم سلم، اللهم سلّم سلم». فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم وتَمُرُّ أمته على الصراط، كُلٌ يمر بقدر عمله ومعه نور أيضاً بقدر عمله، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل - له، ويبقى في النار يسقط في النار في طبقة الموحّدين من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه.ثم إذا انتهوا من النار اجتمعوا في عَرَصَات الجنة يعني في السّاحات التي أعدها الله - عز وجل -؛ لأن يُقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل.
12 - فيدخل الجنة أول الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقراء المهاجرين، فقراء الأنصار إلى آخره ثم فقراء الأمة، ويُؤَخَرْ الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ولأجل محاسبتهم على ذلك.
إلى آخر ما يحصل في ذلك مما جاء في القرآن العظيم.أسأل الله - عز وجل - أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة، وأن يعيذنا من سَخَطِهِ والنار.اللهم لَقِّنَّا حُجَّتَنَا في القبور واجعلنا ممن يأخذه كتابه باليمين وتُحَاسِبُهُ حساباً يسيراً يا أكرم الأكرمين.أسأل الله - جل جلاله - لي ولكم ولأحبابنا جميعاً ولمن له حق علينا المغفرة والرضوان، وأن لا يؤاخذنا بسيئات أعمالنا وأن يغفر لنا ذنوبنا فإنه سبحانه أهل للجود والكرم والمغفرة والرحمة.
------------------------
(1) حديث الشفاعة في البخاري (4476)/ مسلم (495)

من كتاب اتحاف السائل بما فى الطحاوية من مسائل للشيخ صالح آل الشيخ

الفرق بين الصداقة والأخوة والرفقة والخلة

الفرق بين الصداقة والأخوة والرفقة والخلة :

وأما الأخوة فهي كل من جمعك وإياه صلب أو بطن، وتستعار لكل من يشاركك في القبيلة أو في الدين أو في الصنعة أو في معاملة أو في مودة .

وأما الرفقة فتقال للقوم ما داموا منضمين في مجلس واحد ومسير واحد، فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة، ولم يذهب عنهم اسم الرفيق.

فأما الصداقة فهي صدق الاعتقاد في المودة، وذلك مختص بالإنسان دون غيره، وكما قيل: إنما سمي الصديق صديقًا لصدقه، والعدو عدوا لعدوه عليك.

وأما الخلة فهي الصداقة، إلا أنها رتبة لا تقبل المشاركة .

وقال العسكري في «الفروق»: «والخلة: المودة التي تتخلل الأسرار معها بين الخليلين والخلة: الاختصاص بالتكريم]

وقال ثعلب : إنما سمي الخليل خليلا ; لأن محبته تتخلل القلب، فلا تدع فيه خللا إلا ملأته.

....................................................
الكتاب: غاية المنوة في آداب الصحبة وحقوق الأخوة
المؤلف: حازم خنفر
قدم له: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري

تخميسي لقصيدة الشافعي تموت الأسد

تخميسي لقصيدة الشافعي [ تموت الأسد] :


إِذَا رَأَيْتَ عَبْدًا لِلَّئِيمِ مُعَظِّـمًا * وَلِلْحَقِيرِ بَاذِلا وَلِلْكَرِيمِ مُعْــدِمَا


قَدْ غَطَّى عَلَى قَلْبِهِ الفَاسِدِ العَمَى* لا تَأْسَفَنَّ عَلَى غَدْرِ الزَّمَانِ لَطَالَمَا


....... رَقَصَتْ عَلَى جُثَثِ الأُسُودِ كِلابُ..............


مَدَدْتُ يَدِي لِلرَّحْمَنِ طَـــوْعًا * وَأَنْشَأْتُ أَشْكُو لَماَّ ضِـقْتُ ذَرْعًا


وَتَجَلَّى لِلأحْبَابِ فِي قَلْبِي صَدْعًا * تَمُوتُ الأسْدُ فِي الغَابَاتِ جُوعًا


.........وَلَحْمُ الظَأْنِ تَأْكُلُهُ الكِلابُ....................


كَذَا النَّاسُ يَنَالُونَ مِنْ فَقِيرٍ * وَيِسْعَوْنَ لإرْضَاءِ عَبْدٍ حَقِيرٍ


مُنَاهُ الكَنْزُ مِنْ مَالٍ وَفِيرٍ* وَذُو جَهْلٍ قَدْ يَنَامُ عَلَى حَرِيرٍ


..........وَذُو عِلْمٍ مَفَارِشُهُ التُّرَابُ....................


[ إبراهيــــــــم دلمي ] .

كـم مِن أخٍ لكَ لم يلدهُ أبـوكَا

أورد في "روضة العقلاء" (143):

كـم مِن أخٍ لكَ لم يلدهُ أبـــــوكَا ..... وأخٍ أبـوُه أبوكَ قـــــــــد يجفوكَـا

صافِ الكرامَ إذا أردتَ إخــــاءَهم ..... واعلمْ بأن أخا الحِفاظِ أخــــوكَا

كـم إخوةٍ لك لم يلدكَ أبــــوهُم ..... وكأنَّمــــــا آباؤُهـــــم وَلـــدوكَـا

لو كنتَ تَحملُهم على مكروهةٍ ..... تُخشــى الحتوفُ بها لما خذلوكا

من نوادر العرب : ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة !

قال الزبيدي : قد عَقَدَ ابنُ القَطَّاع ، في كِتاب الأَبْنِيَة له ، لهذَا المُبْحَثِ فَصْلاً يخُصّه ، فقال :

فَصْلٌ : ولَمْ تَبْن العَرَبُ كَلمَةً تَكُون فاءُ الفعْلِ وعَيْنُه ولاَمُه فِيهَا مِنْ مَوْضعٍ وَاحِدٍ اسْتِثْقَالاً لذلِك ، إِلاّ أَنَّه قد جاءَ في الأَسْمَاءِ غلامٌ بَبَّةٌ ، أَي سَمينٌ .
وقال عُمَرُ بنُ الخَطَّاب ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه : لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَبَّاناً وَاحداً
وقولُهُم : في لسَانهِ هَهَّةٌ ، وهي شَبيهَةٌ باللُّثْغَةِ
وقولُهُم : قَعَد الصَّبيُّ على قَقَقِه وصَصَصه ، أَي حَدَثه ، ولا يُعلَمُ في الأَسْمَاءِ غَيْرُ ذلكَ وأَفْعَالُهَا:

هَهَّ يَهَهُّ هَهَّةً

وقَقَّ يَقَقُّ قَقَقاً

وصَصَّ يَصَصُّ صَصَصاً

ولم أَسْمَعْ لِبَبَّة بِفعْلٍ وجاءَ في الفِعْل حَرْفٌ وَاحدٌ ، وهو قَوْلُهُمْ :

زَزَزْتُه أَزُزُّه زَزّاً ، أَي صَفَعْتُه ....

..........................
تاج العروس :18/23

صحبة المتكلفين : تخميس لقصيدة الإمام الشافعي

قصيدة صحبة المتكلفين :

تخميس لقصيدة الإمام الشافعي رحمه الله :

جزى الله عَنَّا الحَبرَ إذ قال مُنصِفَا *** وجادَ بأحلى الشِّعرِ نُصحاً وأتــــــحَفَا

ومـا زلَّ فيما قـاله أو تكلَّـــــــــفـا *** إذا المرءُ لا يرعـاك إلا تكلُّفـــــــــــــا

.......................... فَدَعْـهُ ولا تكثِرْ عليه التَّأسُّفا....................


لأهلِ الهوى في الحُبِّ رَوضٌ وَوَاحَةٌ *** وإنَّ ثِمَـارَ الوَصْلِ فيها مُبــــــــــاحَةٌ

فـأعرِضْ إذا جَـاءَتكَ مِنهُ جِرَاحَـــــــةٌ *** ففي النَّاسِ أبدالٌ وفي التَّرْكِ رَاحةٌ

....................... وفي القلبِ صَبرٌ للحَبِيبِ وَلَو جَفَا......................


وكُنْ مُحسِناً إن كُنتَ حقاً تُحِبُّهُ *** وللهِ فاصنَعْ قَلَّ أو زادَ قُـــــــــــــــــــربُهُ

فما كُلُّ مَن تُوليــهِ حُبـاً يَــــــرُبُّهُ *** وما كل من تهواه يهواك قـــــــــــــلبُهُ

.........................ولا كُلُّ من صَافَيْتَهُ لَكَ قَد صَفَا........................


وإنَّ معانيْ الوُدِّ تبـدُو بـــــــدِيعَـةً *** إذا الودُّ عَن طَوعٍ وتغدُو رفــــــــــيعَةً

وإلا استحَالَت بعدَ ودٍّ قــــــطيعَـةً *** إذا لم يكنْ صفوُ الودادِ طــــــــــبيعَةً

..........................فلا خـيرَ في ودٍّ يجيء تكلُّفَـا........................


ألا فاحذَر النَّمامَ واهجُرْ ســبيلَـهُ *** فقد خابَ من جعلَ الوُشاةَ دلـــــيلَهُ

فلا خيرَ في مُبْدٍ لـواشٍ قَبُـــولَـهُ *** ولا خَـيرَ في خِـلٍّ يخون خــــــــــليلَهُ

........................ويلقاه من بعدِ المـودَّةِ بالجَفَا.........................


وينسى زمانَ الوصلِ إذ فاضَ وُدُّهُ *** ويسكُنُ بعدَ الوُدِّ في القَلبِ حِــقدُهُ

ويُخلفُ في وعدٍ إذا حانَ وَعـــــدُهُ *** وينكـر عَيشًا قد تقـادَمَ عهــــــــدُهُ

.....................وينشُرُ سِراً كانَ بالأمسِ قد خَفَا.........................


فواعجبـاً مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إنَّــــــــهَـا *** تمزِّقُ أوصـالَ الوصالِ بِمَـــــــــكرِهَا

فَعِشْ زاهِداً تحيا سعيداً وقُلْ لَهَا *** سلامٌ على الدُّنيَا إذا لم يـــــكنْ بهَا

................. صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعدِ مُنصِفَا.........................



أحمد المساح المعمري

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق