الثلاثاء، 21 فبراير 2012

قيل في العلم

( قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْعُلُومُ مَطَالِعُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : قَلْبٌ مُفَكِّرُ ، وَلِسَانٌ مُعَبِّرٌ ، وَبَيَانٌ مُصَوِّرٌ فَإِذَا عَقَلَ الْكَلَامَ بِسَمْعِهِ فَهِمَ مَعَانِيَهُ بِقَلْبِهِ وَإِذَا فَهِمَ الْمَعَانِيَ سَقَطَ عَنْهُ كُلْفَةُ اسْتِخْرَاجِهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ مُعَانَاةُ حِفْظِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا ؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ شَوَارِدُ تَضِلُّ بِالْإِغْفَالِ ، وَالْعُلُومُ وَحْشِيَّةٌ تَنْفِرُ بِالْإِرْسَالِ فَإِذَا حَفِظَهَا بَعْدَ الْفَهْمِ أَنِسَتْ ،وَإِذَا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْأُنْسِ رَسَتْ )

قال أَبو بَكْرِ بْنِ دُرَيْدٍ :
جَهِلْت فَعَادَيْت الْعُلُومَ وَأَهْلَهَا .... كذَاك يُعَادِي الْعِلْمَ مَنْ هُوَ جَاهِلُهْ

وَمَنْ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا ...وَيَكْرَهُ (لَا أَدْرِي) أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ

........................... ( أدبِ الدنيا والدِّين ) - باب العِلْم
خَاطِرَة [ فُقْدَانُ الأَمَل ] :
مَنْ يَفْقِد الأَمَل ... لَمْ يَهْتَمْ إِنْ أَسْرَعَ وَ تَعَجَّل ... أَمْ مَشَى رُوَيْدًا عَـلَى مَهَل ... مَنْ يَفْقِد الأمَل...حُقَّ أَنْ يُبْكَى عَلى طَلَلْ ... إِذْ لا تُغْمَضُ لَهُ عَيْن ...وَلا يُطْرَفُ لَهُ جَفْن ... وَلا يُشْبَعُ لَهُ جَوْف ...قَلْبُهُ قَرِينُ الخَوْف ... يَسِيرُ فِي طَرِيقٍ وَعرٌ مَخُوف ...وَفِي طَرِيقِهِ جِبَالٌ بَيْنَهُنَّ حُتُوف .. وَيُشُوبُهُ أَجْنَاسٌ مِنْ أُنَاس ... أَضَرُّ مِنَ الجنِّ وَأَحْصَنُ مِنْ قِلاع ... وَطِبَاعُهُمْ أَشْرَسُ مِنْ ذَوِي المَخْلَبِ وَ السِبَاع ... وَالمَسِيرُ شَدِيد وَالمُرَافِقُ رِعْدِيد .... وَالمُفَارِقُ بَعِيد .... فَكَيْفَ تَطِيبَ لَهُ حَيَاة ؟ ... وَأَنَّى يَهْنَأَ لَهُ عَيْش ؟... وَكَيْفَ تَنْفَعْهُ عِظَاتٌ ؟.... وَأنَّى لا يُصِيبَ حِلْمَهُ طَيْش ...

إذا اشتملت على اليأس القلوب -- وضاق لما به الصدر الرحيب

وأوطنت المكاره واستقـرت -- وأرست في أماكنها الخطوب

ولم تر لانكشاف الضر وجها --- ولا أغنى بحيلته الأريـب

أتاك على قنوط منك غوث -- يمن به اللطيف المستجيـب

وكل الحادثات إذا تناهت --فموصول بها فرج قريب

أبيات يمكن أن تقرأها عموديّا أو أفقيّا فتكون سواء في الألفاظ والعبارات

من عجائب اللغة العربية :

أبيات يمكن أن تقرأها عموديّا أو أفقيّا فتكون سواء في الألفاظ والعبارات :

إلـهي .. منــيبٌ .. أتـاكَ .. يبــوحْ

منيبٌ .. بكـــاهُ .. أنيـنُ .. الجـروحْ

أتـاكَ .. أنيــنُ .. فــؤادٍ .. جَـموحْ

يبوحُ .. الجـروحَ .. جَمـوحٌ ... يـنوحْ

بديع الزمان الهمذاني في وصف العلم

قال بديع الزمان الهمذاني في وصف العلم:

« العلم شيء بعيد المرام، لا يصاد بالسهام، ولا يقسم بالأزلام، ولا يرى في المنام، ولا

يضبط باللجام، ولا يكتب للثام، ولا يورث عن الآباء والأعمام وزرع لا يزكو إلا متى صادف

من الحزم ثرى طيبا، ومن التوفيق مطرا صيبا، ومن الطبع جوا صافيا، ومن الجهد روحا دائما،

ومن الصبر سقيا نافعا وغرض لا يصاب إلا بافتراش المدر، واستناد الحجر، وردّ الضجر، وركوب

الخطر،وإدمان السهر، واصطحاب السفر، وكثرة النظر، وإعمال الفكر»


..............................................
[«جواهر الأدب» للهاشمي (194)].

دور الشباب في التصفية والتربية للعلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله

دور الشباب في التصفية والتربية

قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - :

"إنّ دينكم شوهته الأضاليل، وإنّ سيرة نبيكم غمرتها الأباطيل، وإن كتابكم

ضيعته التآويل، فهل لكم يا شباب الإسلام أن تمحوا بأيديكم الطاهرة الزيف

والزيغ عنها، وتكتبوه في نفوس الناس جديداً كما نزل، وكما فهمه أصحــاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صـلى الله عليه وسلـــــم"


......................
( الآثار: 4/271).

قاعدة التيسير في النحو للشيخ ابن عثيمين

التيسير في النحو :

قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – :

( ولكن قاعدتنا في باب النحو التي ينبغي أن نسير عليها أنه إذا اختلف النحويون في

مسألة سلكنا الأسهل من القولين لأننا إذا أخذنا بالرخص في باب الإعراب فهذا جائز .

فالقاعدة عندي أن كل قولين من أقوال النحو في مسألة من المسائل نسلك أسهلهما ...

والخلف إن كان في النحو فخذ بالأسهل ........ في النحو لا في غيره بالأفضل) .

وقال : (وإني أفتيتكم بأنّ تتبع الرخص في باب النحو جائر ، وفي باب الفقه لا يجوز) .

..............................................................
من شرح الآجرومية للشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله –

شعر عبد الرحمن الداخل في نخلة في الرصافة بالأندلس

رأى عبدالرحمن الداخل صقر قريش نخلة منفردة في رصافة قرطبة بالأندلس

فأشجته فقال:

تَبَـدَّت لَنَا وَسْطَ الرُّصافَةِ نَخْـلةٌ ....... تَنَاءت بأرضِ الغَرْبِ عن بَلَدِ النَّخْل

فقُلـتُ شَبِيهي في التَغَرُّبِ والنَّوَى ... وطُولِ التَّنَائي عن بَنِيّ وعن أهلي

نشَأتِ بأرضٍ أنتِ فيها غَريبةٌ .... فمِثْلُكِ في الإقصاء والمُنْتأى مثلي

سَقَاكِ غَوَادِي المُزْنِ مِن صوبها الذي ... يَسُحُّ ويستمرِي السِّماكَين بالوّبْلِ

لماذا قال الله تعالى " اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ " ولم يقل " ضعيه " ؟

قــال تعالى:﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾( طه: 38- 39 ).

قيل: المراد بالقذف في التابوت: الوضع فيه. والمراد بالقذف في اليم: الإلقاء فيه ؛ كما قال تعالى في آية أخرى:﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ). وقيل: يجوز أن يكون المراد بالقذف في الموضعين: الوضع. وعليه يكون معنى الآية: واذكر يا موسى إذ أوحينا إلى أمك أن ضعيه في التابوت، فضعيه في اليم، فليلقه اليم في الساحل.. هذا هو المشهور في كتب التفسير.

وحقيقة القول في ذلك :

أولاً- أن الوضع في اللغة هو الإلقاء. يقال: وضع الشيء: ألقاه، ووضعت المرأة ما في بطنها: ألقته، والفعل: وضع يضع وضعاً. والموضع: محل إلقاء الشيء.. أما الإلقاء فهو رميك الشيء برفق ولين، من أعلى إلى أسفل، حيث تلقاه. أي: تراه. يقال: ألقى الشيء يلقيه إلقاء.. وأما القذف فهو رميك الشيء بقوة وعنف، من غير مهلة، حيث لا تلقاه. أي: لا تراه. يقال: قذف الشيء يقذفه قذفًا. فهو أعم من الإلقاء، ومن الوضع. والإلقاء أعم من الوضع. فكل قذف هو إلقاء ووضع، وليس كل وضع وإلقاء بقذف.

ثانيًا- ولكون القذف أعم من الإلقاء والوضع، أطلق على الوضع في التابوت، وعلى الإلقاء في اليم ؛ لأن السياق يتطلب السرعة والقوة والشدة:﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾. فهنا إيحاء بالقذف في التابوت، وبالقذف في اليم، وهو أمر يتطلب السرعة والقوة والشدة ؛ وذلك لإخفاء الرضيع وأمره على فرعون وجنوده.
قال ابن عاشور:« القذف هنا مجاز عن المسارعة إلى الوضع، من غير تمهل لشيء أصلاً، إشارة إلى أنه فعل مضمون السلامة، كيفما كان ».
وهذا المعنى لا يصلح له فعل الوضع، ولا فعل الإلقاء، بخلاف الإيحاء بالإلقاء بالساحل:﴿ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾، فهذا لا يتطلب قوة ولا شدة ولا سرعة ؛ لأن الطفل الرضيع قد أصبح في مكان آمن بعد أن أصبح في اليم.. وكذلك هو خلاف الإلقاء في اليم في قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ) ؛ لأن خوف الأم على ابنها هنا لم يقع بعدُ، وقد سبقه الإيحاء إليها بإرضاعه ؛ ولهذا قال تعالى هنا: فإذا خفت عليه فألقيه، وقال هناك: فاقذفيه، عقب الإيحاء مباشرة، دون أن يسبق القذف شيء.

ثالثًا- ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرعب ﴾(الأحزاب: 26 ).
وقوله تعالى:﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ ﴾(آل عمران: 151 ).
استعير فعل القذف في الآية الأولى لحصول الرعب بسرعة في قلوبهم دفعة واحدة، دون سابق تأمل، وبلا سبب. واستعير فعل الإلقاء في الآية الثانية لجعل الرعب في قلوب الذين كفروا مستقبلاً ؛ ولهذا قال تعالى: سنلقي، بالسين الدالة على المسقبل القريب، والتأكيد بحصول الرعب في قلوب الذين كفروا. ولو قيل: سنقذف أو سنضع، لكان خلفًا من الكلام، لا يتناسب مع بلاغة القرآن وبيانه.

فضيلة الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم

صور من تراحم العلماء بينهم




بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى :{ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين وحسن الأخلاق والمعاملة الحسنة وهو أرفق الناس بأمته وكان خلقه القرآن

وقال "يسروا ولا تعسروا" وهو خير من يقتدى به وقال "ماكان الرفق في شيئ إلا زانه"

وكان السلف رحمهم الله أبعد الناس عن الشحناء ونفوسهم طاهرة من الغل والحقد ويدعون الناس إلى المحبة والائتلاف

ويحذرونهم من الفرقة والاختلاف
.
قال سفيان بن عيينة:" أرفع الناس منزلة من كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياء

والعلماء" ومم لاشك فيه أن التراحم بين العلماء يؤدي إلى التراحم بين الأتباع والناس وهذا ما نحتاج إليه اليوم ومن

الصور على تراحم العلماء ماذكره الذهبي رحمه الله في السير في مواضع مختلفة قال
:

1-بين يونس الصدفي والإمام الشافعي :

قال يونس الصدفي "اختلفت أنا والشافعي في مسألة فافترقنا ثم تلاقينا بعد ذلك فأخذ الشافعي بيدي وقال "يا فلان أيمنعنا
إن اختلفنا في مسألة أن نكون إخوانا؟قال "فما رأيت أعقل منه"


2- بين شيخ الإسلام وأحد خصومه :

-مات أحد العلماء من خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية فجاء رجل إليه يبشره بذلك فزجره شيخ الإسلام وقال " أتبشرني بموت
مسلم ؟! ثم ذهب إلى أهل ذلك الرجل وسلم على أهله وأولاده وقال "أنا لكم والد"


3- بين وكيع وسفيان:

حدث وكيع بحديث يتعلق بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يحصل له تغير بعد موته فقام إليه أشراف مكة وبنو هاشم
وشكوه إلى أمير مكة حتى أمر بقتله وصلبه وأدخله السجن وكان بين وكيع وسفيان مخاصمة لكن سفيان رحمه الله لم
يستغل هذا مع قدرته بل ذهب إلى أمير مكة وذكر وكيعا بخير وأنه من العلماء والناس لا يسكتون عن قتله فأطلق سراحه
بشفاعة سفيان "

4- بين سفيان ومالك :

قيل لسفيان :إن مالكا يخالف في هذا الحديث فقال سفيان رحمه الله " ما أنا ومالك إلا كما قال جرير:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن.....لم يستطع صولة البزل القناعيس




5-بين الشيخ الألباني والشيخ حمود التويجري:

اختلفا في عدة مسائل وجرى بينهما ما جرى مع هذا جاء الشيخ الألباني إلى الرياض وقابله الشيخ التويجري في وليمة
ووجه له دعوة لزيارته في منزله وزاره وكان المجلس أخويا فيه كل الاحترام والمحبة "

من كتاب [ معالم في طريق طلب العلم ]


والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحابته أجمعين

من درر ابن القيم رحمه الله : المفتاح لكنوز الأرض والجنة والسر الذي فيه الشفاء التام

من درر ابن القيم رحمه الله :

المفتاح لكنوز الأرض والجنة والسر الذي فيه الشفاء التام


قال - رحمه الله - :
فَاتِحَةُ الْكِتاب: وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثانى، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارَها وأعطاها حقَّها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوى بها، والسرَّ الذى لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك، رقى بها اللَّديغ، فبرأ لوقته. فقال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم: " وما أدراك أنَّها رُقْيَة ".
ومَن ساعده التوفيق، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرارِ هذه السورة، وما اشتملت عليه مِنَ التوحيد، ومعرفةِ الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثباتِ الشرع والقَدَر والمعاد، وتجريدِ توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كُلُّه، وله الحمدُ كُلُّه، وبيده الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجع الأمرُ كُلُّه، والافتقار إليه فى طلب الهداية التى هى أصلُ سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأنَّ العاقبةَ المطلقة التامة، والنعمةَ الكاملة مَنوطةٌ بها، موقوفةٌ على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابَه.
وهذا أمرٌ يحتاجُ استحداثَ فِطرةٍ أُخرى، وعقلٍ آخر، وإيمانٍ آخر، وتاللهِ لا تجدُ مقالةٌ فاسدة، ولا بدعةٌ باطلة إلا وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها، ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.

ولعَمْرُ الله إنَّ شأنها لأعظمُ من ذلك، وهى فوقَ ذلك. وما تحقَّق عبدٌ بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلَّم بها، وأنزلها شفاءً تاماً، وعِصمةً بالغةً، ونوراً مبيناً، وفهمها وفهم لوازمَها كما ينبغى ووقع فى بدعةٍ ولا شِركٍ، ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلا لِماماً، غيرَ مستقر.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛، بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة فى إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين، كما لَه حكمة بالغة فى إخفاء كنوز الأرض عنهم.
والكنوزُ المحجوبة قد استُخدمَ عليها أرواحٌ خبيثة شيطانية تحولُ بين الإنس وبينها، ولا تقهرُها إلاَّ أرواحٌ عُلْوية شريفة غالبة لها بحالها الإيمانى، معها منه أسلحةٌ لا تقومُ لها الشياطين، وأكثرُ نفوس الناس ليست بهذه المَثابة، فلا يُقاوِمُ تلك الأرواح ولا يَقْهَرُها، ولا ينال من سلبِها شيئاً، فإنَّ مَن قتل قتيلاً فله سلبه .. ]


.الطب النبوي 1/260

الصورة البلاغيَّة فى قوله تعالى: (وأخاف أن يأكله الذئب)



قوله عز وجل:﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ﴾

أولاً-الذئب حيوان مفترس من الفصيلة الكلبيَّة، وهو كلب بَرِّيٌّ وحشيٌّ . ومن خلقه الاحتيال والنفورُ والغدر . وهو يفترس الغنم . وإذا قاتل الإنسان فجرحه ورأى عليه الدم، ضَرِيَ به فربما مزَّقه . وفيه لغتان: ذئب، وذيب، والأولى هي الأصل، وهي لغة الحجاز، وبها قرأ الجمهور . ومن الثانية قول الشاعر يخاطب جرو ذئب كان قد رباه، واستأمنه على أغنامه بدلاً من الكلب:


أكلت شُوَيْهَتي وربيتَ فينا ... فمن أدراك أن أباك ذيب


ثانيًا-ومعنى ﴿ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ﴾: أن يقتله ويأكل منه . وفعل الأكل يتعلق باسم الشيء، والمراد بعضه . يقال: أكلَه الأسد، إذا أكل منه . قال تعالى:﴿ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ﴾(المائدة: 3)، عطفًا على المنهيات عن أن يؤكل منها . أي: بقتلها . ومن كلام عمر- رضي الله عنه- حين طعنه أبو لؤلؤة:« أكلني الكلب » . أي: عضَّني .


ثالثا- وخصَّ الذئب بالذكر دون غيره، لأنه أغلب ما يخاف منه من الصحارى . وكانت أرضهم- على ما قيل-: مذئبة . أي: كثيرة الذئاب، ولهذا خصَّه بالذكر . وقيل: إنما خصَّه بالذكر، لأنه سبع ضعيف حقير، فنبَّه عليه السلام بخوفه عليه منه على خوفه عليه مما هو أعظم منه افتراسًا من باب أولى .. ولحقارة الذئب خصَّه الربيع بن ضبع الفزاري في كونه يخشاه، لما بلغ من السن ما بلغ في قوله:


والذئب أخشاه، إن مررت به ** وحدي، وأخشى الرياح والمطرا


رابعًا- والتعريف في ( الذئب ) يجوز أن يكون تعريف العهد الذهني، مثل تعريف ( السفينة ) في قوله تعالى:﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ﴾(الكهف: 71 ) . قال الكلبي:« رأى في منامه أن الذئب شَدَّ على يوسف، فلذلك خافه عليه » . ويجوز أن يكون تعريف الحقيقة، أو الجنس . أي: ذئب من الذئاب . ومثله تعريف ( الإنسان ) في قوله تعالى:﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾(العصر: 2) .


ومثل ذلك على القولين تعريف ( الكهف ) في قوله تعالى:﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾(الكهف: 16 )، فيجوز أن يكون تعريف العهد، بأن كان الكهف معهودًا عندهم يتعبدون فيه من قبل . ويجوز أن يكون تعريف الحقيقة، أو الجنس . أي: فأووا إلى كهف من الكهوف .


والقول الثاني هو الأرجح والأقوى في التعبير عن المراد، وهو أبلغ من التعبير بلفظ النكرة . فلو قيل:( وأخاف أن يأكله ذئب )، بلفظ النكرة، لما كان له من القوة والبلاغة ما كان لقوله:﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ﴾، بلفظ المعرفة، لأن التنكير ينبىء عن ذئب تافه ضعيف لا ينبغي الخوف منه، فالخوف من ذئب كالخوف من لا شيء، وذلك بخلاف التعريف فإنه ينبىء عن خوف عظيم، لأنه يشمل الذئاب كلها ضعيفها، وقويها .. ومثل هذا التعريف في القرآن كثير، كتعريف ( الحمار ) في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ ﴾(الجمعة: 5)، وتعريف ( الكلب ) في قوله تعالى:﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ﴾(الأعراف: 176).


خامسًا-ما وقع من يعقوب- عليه السلام- من هذا القول كان تلقينًا للجواب من غير قصد، وهو على أسلوب قوله سبحانه:﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)(الإنفطار: 6)، والبلاء موكل بالمنطق .. أخرج أبو الشيخ وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا تلقنوا الناس، فيكذبوا، فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الناس، فلما لقنهم أبوهم كذبوا، فقالوا: أكله الذئب ».




الأستاذ محمد إسماعيل عتوك المتخصص في إعجاز القرآن البلاغي.

الخميس، 16 فبراير 2012

(من) للعاقـــــل أم (من) للعالــــم

 
 

( مَنْ ) : اسم موصول مبني على السكون , وممّا اشتهر في كتب النحو والأصول قولهم أنها للعاقل .
لكن رأى بعض العلماء أن الصواب أن يقال أنها للعالم

قال الأسنوي الشافعي في( الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من القواعد الفقهية – 1/12):
واعلم أن ما وقع في هذا الفصل جميعه من التعبير بالعقل هو التعبير المعروف عند النحاة والصواب كما قاله ابن عصفور في شرح المقرب وفي تصنيفه المسمى بأمثلة المقرب إنما هو التعبير بأولي العلم لأن من يطلق على الله تعالى كقوله أفمن يخلق وقوله ومن عنده علم الكتاب والبارىءسبجانه وتعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل .

وذكر ابن هشام الأنصاري في أوضح المسالك (1/147) : أن لـ(من) معاني , منها أنها تأتي للعالم ومنه قوله تعالى ( ومن عنده علم الكتاب ) .

وذكر الأشموني في شرحه للألفية (1/72) أن الأصل استعمال (من) للعالم , وحكى قولَ بعضهم أنها لذوات من يعقل , ورده الصبّان في حاشيته على الأشموني بقوله (وكان الأولى يعلم بدل يعقل )

وكذا ذكر السيوطي في همع الهوامع (1/227 ) أن (من) للعالم وشبهه .

قال الشيخ صالح آل الشيخ عند قول الجويني في الورقات ( ومن فيمن يعقل) :
(مَنْ) هذه قال هنا لمن يعقل، وهنا اعتراض عليه؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ﴾[الأنعام:12] قال (لِمَنْ) ثم قال (لله) الله جل وعلا يدخل في كلمة (مَنْ) أليس كذلك؟ ولذلك نقول لا يجوز أن يقال (من لمن يعقل)؛ لأن الله جل وعلا لا يوصف بالعقل؛ لأن هذا لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة، بل لم يدعِ أحد أن الله جل وعلا يوصف بالعقل، هذا المدققون من علماء النحو يقولون: من لمن يعلم. أما يعقل، فلا.

وقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لكتاب التوحيد – باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره :
والأصح : أن يقال : لفظ (من) الأصل فيها لغة : أنها تطلق على من يعلم ، لورود بعض الآيات في القرآن أطلق فيها هذا اللفظ في حق الله - عز وجل - هذا الأحسن من حيث استعمال هذا اللفظ ، وإن كان الذي جرى عليه القول عند علماء النحو : استعمال (من) للعاقل ، و (ما) لغير العاقل . فتلخص مما سبق : أن الأصح في استعمال (من) أنها : لمن يعلم .

وقال الشيخ عبدالله الفوزان في شرحه للقطر (حاشية ص 85) :
اختار بعض النحاة أن يقال : (من) للعالم، بدل العاقل. لأن الله تعالى وصف نفسه بالعلم. وهي قد تستعمل في الدلالة عليه سبحانه في مثل (سبحان من يسبح الرعد بحمده)[انظر : الأدب المفرد للبخاري مع شرحه : فضل الله الصمد (2/185)] .

ذكر الشيخ إسماعيل الأنصاري - رحمه الله - في حاشيته على شرح الواسطية للهراس , أن الأولى أن يقال للعالم بدلا من العاقل .

- منقول بتصرف -

فائدة طريفة : [ واو ] في كتاب الله حق لها أن تكتب بماء العينين

فائدة طريفة : [ واو ] في كتاب الله حق لها أن تكتب بماء العينين

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :
من أرجى آيات القرآن العظيم قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (32) سورة فاطر.
فقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن إيراث هذه الأمة لهذا الكتاب، دليل على أن الله اصطفاها في قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } وبين أنهم ثلاثة أقسام:
الأول: الظالم لنفسه وهو الذي يطيع الله، ولكنه يعصيه أيضاً فهو الذي قال الله فيه { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } (102) سورة التوبة .
والثاني:المقتصد وهو الذي يطيع الله، ولا يعصيه، ولكنه لا يتقرب بالنوافل من الطاعات.
والثالث: السابق بالخيرات: وهو الذي يأتي بالواجبات ويجتنب المحرمات ويتقرب إلى الله بالطاعات والقربات التي هي غير واجبة،
وهذا على أصح الأقوال في تفسير الظالم لنفسه، والمقتصد والسابق، ثم إنه تعالى بين أن إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبير منه عليهم،
ثم
وعد الجميع بجنات عدن وهو لا يخلف الميعاد في قوله: {جَنَّـاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} إلى قوله: {وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} والواو في يدخلونها شاملة للظالم، والمقتصد والسابق على التحقيق.
ولذا قال بعض أهل العلم:
حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه يدل على أن هذه الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين ولذا قال بعدها متصلاً بها {وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ} إلى قوله: {فَمَا لِلظَّـالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.
واختلف أهل العلم في سبب تقديم الظالم في الوعد بالجنة على المقتصد والسابق ، فقال بعضهم : قدم الظالم لئلا يقنط ، وأخر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط .
وقال بعضهم : قدم الظالم لنفسه؛ لأن أكثر أهل الجنة الظالمون لأنفسهم لأن الذين لم تقع منهم معصية أقل من غيرهم . كما قال تعالى : { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } [ ص : 24 ] .


أضواء البيان 6/183

الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم


الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم

الأخوَّة في الله ، والحب في الله ، من أعظم شعائر الدين ، وأوثق عرى الإيمان ، وقد جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يبين ذلك ويوضحه بأجلى صورة ، وأحلى عبارة ، ويكفينا في ذلك بعض الآيات والأحاديث ، ومنها :
قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/ من الآية 10 .
وقوله : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/ 103 .
وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .
رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .


قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :
الخصلة الثانية : أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، والحب في الله من أصول الإيمان ، وأعلى درجاته ، ... وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها ؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما : فقد صار حبُّه كله له ، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله ، وموالاته له ، ومعاداته له ، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه ، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال ، والأعمال ، وكراهة ما يكرهه من ذلك ، وكذلك من الأشخاص .

" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 49 – 51 ) باختصار .
ثانياً:
لو كان حبُّ المسلم لأخيه حبا لله تعالى : لما اشتكى مشتكٍ من أفعال بعض من لم يذق حلاوة الإيمان ، ومن جعل ميزان حبَِّه للآخرين : اللغة ، أو اللون ، أو البلد ، أو الحزب والجماعة ، أو المال ، أو حسن الصورة : فقد خاب وخسر ، واستعمل ميزانَ ظلم ، وليس بمستنكر بعدها ما يصدر منه من تصرفات تجاه إخوانه ، وأما إن كان ميزانه في الحب في الله : الاستقامة ، والخلُق : فليبشر بثواب جزيل ، وفضل عميم ، من ربه الكريم .


عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
رواه أبو داود ( 3527 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .


قال الملا علي القاري في " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " :
ولما كانت الأغراض الفاسدة في المحبة منحصرة في أنها إما أن تكون للقرابة - على ما هو مركوز في الطبائع - ، أو للمال - من حيث إنه مطمح الأطماع - : اقتصر عليهما ، والمقصود : تحسين النية ، وتزيين الطوية .
ثالثاً:
لتعلم أخي السائل حقيقة الأمر ، وواقع الأخوَّة ، وحتى لا تجد الأوهامُ مجالاً رحباً في نفسك : اعلم أن الظفر بأخ في الله يتصف بمشاعر النبل ، والصدق ، والأمانة ، وغيرها من الصفات الحسنة : عملة نادرة ، فلا تتعب نفسك بالبحث عن أخ يمتلك الصفات الجميلة كاملة ، فارض بما هو موجود مما يشوبه كدر ، ويعتريه نقص ، ولستَ أنت الكامل لتبحث عن مثلك ، فما منَّا إلا وفيه نقص ، وعيوب ، يستحيي أن تظهر لأحد ، فضلاً أن يطلب كمالها في غيره .

إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً** صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ** مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى** ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه


قال ابن حزم الأندلسي – رحمه الله - :
ومن الأسباب المتمناة في الحب : أن يهب الله عز وجلَّ للإنسان صديقاً مخلصاً ، لطيف القول ، بسيط الطَّوْل ، حسَن المأخذ ، دقيق المنفذ ، متمكن البيان ، مرهف اللسان ، جليل الحِلم ، واسع العلم ، قليل المخالفة ، عظيم المساعفة ، شديد الاحتمال ، صابراً على الإدلال ، جم الموافقة ، جميل المخالفة ، محمود الخلائق ، مكفوف البوائق ، محتوم المساعدة ، كارهاً للمباعدة ، نبيل الشمائل ، مصروف الغوائل ، غامض المعاني ، عارفاً بالأماني ، طيب الأخلاق ، سري الأعراق ، مكتوم السر ، كثير البر ، صحيح الأمانة ، مأمون الخيانة ، كريم النفس ، صحيح الحدس ، مضمون العون ، كامل الصون ، مشهور الوفاء ، ظاهر الغناء ، ثابت القريحة ، مبذول النصيحة ، مستيقن الوداد ، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد ، صادق اللهجة ، خفيف المهجة ، عفيف الطباع ، رحب الذراع ، واسع الصدر ، متخلقاً بالصبر ، يألف الإمحاض [أي : إخلاص الود] ، ولا يعرف الإعراض ، يستريح إليه ببلابله ، ويشاركه في خلوة فكره ، ويفاوضه في مكتوماته ، وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات .
وأين هذا ؟!
فإن ظَفِرَتْ به يداك : فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً .


" طوق الحمامة " ( ص 164 ) .
هذه هي الصفات المتمناة في الأخ المحبوب في الله ، وقبل أن أطلبها في غيري أسأل نفسي : هل هي محقَّقَة فيَّ ؟ وإذا كنَّا نفتقد أخاً مثل الصحابي سعد بن الربيع الذي يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله وشطر نسائه : فإننا نفتقد أكثر لمثل عبد الرحمن بن عوف الذي تعفف عن مال أخيه وذهب ليعمل بكد يديه .
فلتعش واقعك أخي السائل ، واقعا يقول لك : إن ثمة خللا في الأخوة في الله ، وفي الحب في الله ، وذاك له أساب كثيرة متشابكة ، من ضعف الإيمان ، وانتشار الحزبية ، والعصبية ، والجهل ، وحب الذات ، والتعلق بالدنيا ، ونقص الثقة في الآخرين .. ، قال الله تعالى – واصفاً حال الإنسان - : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) الأحزاب/ 72 .


سألتُ الناسَ عن خلٍ وفيٍ * فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسكْ إن ظفِرت بذيل حُر* فإن الحرَّ في الدنيا قليل
ولا يعني هذا أن تيأس من أن تجد أخاً صادقاً صدوقاً ، حبيباً محبّاً ، لكننا نتكلم عن واقع مرير ، وأخوَّة اعتراها نقص شديد ، وليست الشكوى من قلة الإخوان فقط في هذا الزمان ، بل هي كذلك في القرون الأولى ، فعليك أن تعيش مع هذا ، وأن تعلم أن الناس لا يخلون من عيوب ، وكما قيل " من طلب أخاً بلا عيب : بقي بلا أخ " !
وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّهرَ صَاحِبُ
فاحرص أن تكون أنت الأنموذج الجميل للإخوَّة الصادقة ، في دينك ، وخلقك ، واعلم أنك ستجد - إن شاء الله - من يكون أخاً لك على مثل ما أنت عليه .
واعلم أنه إذا كانت الأخوَّة في الله الحقيقية قليلة في هذا الزمان : فإن الباحث عنها أقل من القليل .
واستمع لشكوى من إمام في العلم مثل شكواك ، وانظر كيف عالجها ، في كلام يشبه ما ذكرناه آنفاً من واقع الحال ، مع التنبيه أن هذا الإمام كان يعيش في القرن السادس ! .


قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فاخبُرهُ : تَقْلَهُ – أي : إن اختبرته : تبين لك منه ما يبعدك عنه - .


" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 ) .

- والله الموفق -


- من موقع [ الإسلام سؤال وجواب ] للشيخ المنجد - بتصرف يسير -

من النوادر : بيت شعري يشتمل على 40320 بــيتا

من النوادر : بيت شعري يشتمل على 40320 بــيتا!

قال العلامة الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى - :

- قال بعض الفضلاء بيتا من الشعر يشتمل على أربعين ألف بيت من الشعر وثلاثمائة وعشرين بيتا وهو زين الدين المقري:

[المتقارب]

لقلبي حبيب مليح ظريف **** بديع جميل رشيق لطيف
وبيان ذلك أن هذا البيت ثمانية أجزاء ، يمكن أن ينطق بكل جزء من أجزائه مع الجزء الآخر، فتنتقل كل كلمة ثمانية انتقالات ؛ فالجزءان الأولان "لقلبي حبيب" يتصور منهما صورتان بالتقديم والتأخير،
ثم خذ الجزء الثالث فيحدث منه مع الأولين ست صور، لأن له ثلاثة أحوال: تقديمه عليهما ،وتأخيره، وتوسطه ،ولهما حالان، فاضرب أحواله في الحالين يكن ستة ؛
ثم خذ الجزء الرابع وله أربعة أحوال، فاضربها في الصور المتقدمة، وهي الستة التي لما قبله، تكن أربعة وعشرين؛
ثم خذ الخامس تجد له خمسة أحوال، فاضربها في الصور المتقدمة، وهي أربعة وعشرون، تكن مائة وعشرين؛
ثم خذ السادس تجد له ستة أحوال، فاضربها في مائة وعشرين تكن سبعمائة وعشرين؛
ثم خذ السابع تجد له سبعة أحوال، فاضربها في سبعمائة وعشرين، تكن خمسة آلاف وأربعين؛
ثم خذ الثامن تجد أحواله ثمانية، فاضربها في خمسة آلاف وأربعين، تكن أربعين ألفا وثلاثمائة وعشرين بيتا؛ فامتحنها تجدها كذلك.

ومثله لي قلته في القدس:
محب صبور غريب فقير *** وحيد ضعيف كتوم حمول].


انتهى من بدائع الفوائد ج3/ص265ط.العصرية.

الفرق بين " العهد القديم " و " العهد الجديد " وموقف أهل الكتاب منهما

الفرق بين " العهد القديم " و " العهد الجديد " وموقف أهل الكتاب منهما

" العهد القديم " هو ما يزعم النصارى أنه كتب فيه ما أوحى الله به للأنبياء قبل ظهور عيسى عليه السلام ، وفيه الحديث عن آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم عليهم السلام جميعاً ، كما أنه يحتوي على وصايا وأحكام وبشارة بالمسيح عليه السلام ،
و" العهد الجديد " فيزعمون أنه مكمل للعهد القديم ، وفيه الحديث عن عيسى عليه السلام وحياته وأعماله وتعاليمه وغير ذلك كُتب ذلك كله بإلهام من الله لكتبته ! .
وأما عندنا نحن المسلمين فنحن نعتقد أن التوراة والإنجيل قد وقع فيهما من التحريف الشيء الكثير في ألفاظهما ومعانيهما ، ولا يحل نسبة ما فيهما للوحي الإلهي ، بل هي أشبه ما تكون بكتب تاريخية فيها صواب وخطأ وحق وباطل .
وفي " مختصر إظهار الحق " ( ص 15 ) - وهو اختصار للكتاب النافع المفيد " إظهار الحق " للشيخ رحمة الله الهندي رحمه الله - :
" والحق الذي لا شك فيه : أن هذه التوراة الحالية مجموعة من الروايات والقصص التي اشتهرت بين اليهود ، ثم جمعها أحبارهم بلا تمحيص للروايات ، ووضعوها في هذا المجموع المسمى بكتب " العهد القديم " ، الذي يضم الأسفار الخمسة المنسوبة لموسى عليه السلام والأسفار الملحقة بها ، وهذا الرأي منتشر انتشاراً بليغاً الآن في أوربا ، وبخاصة بين علماء الألمان " .
انتهى
ومثله يقال في الإنجيل ، وقد أيَّد ذلك علماء وباحثون من النصارى أنفسهم .
جاء في " مختصر إظهار الحق " ( ص 23 ) :
" وجاء في " دائرة المعارف البريطانية " : أن كثيرين من العلماء قالوا : إنه ليس كل قول مندرج في الكتب المقدسة ولا كل حال من الحالات الواردة فيها إلهاميّاً ، والذين يقولون بأن كل قول مندرج فيها إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة.
وجاء في " دائرة معارف ريس " التي كتبها العلماء المحققون قولهم : إنه يوجد في أفعال مؤلفي هذه الكتب وأقوالهم أغلاط واختلافات ، وإن الحواريين ما كان يرى بعضهم بعضا صاحبَ وحي وإلهام ، وإن قدماء النصارى ما كانوا يعتقدون أن الحواريين مصونون عن الخطأ ؛ لأنه كان يحصل الاعتراض على أفعالهم أحيانا ، وكذلك الكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين مثل " إنجيل مرقس " و " إنجيل لوقا " توقف العلماء في كونها إلهامية ، وقد أقر كبار العلماء من فرقة البروتستانت على عدم كون كل كلام في العهد الجديد إلهاميّاً ، وعلى غلط الحواريين " .
انتهى
وهذا ملخص مفيد لمحتويات الكتابين :
قال الدكتور محمد الملكاوي – وفقه الله - :
" اعلم أن النصارى يقسمون كتبهم إلى قسمين :
القسم الأول : يدَّعون أنه كُتب بواسطة الذين كانوا قبل عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه " العهد العتيق " أو " العهد القديم " .
والقسم الثاني : يدَّعون أنه كُتب بالإلهام بعد عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه " العهد الجديد " .
ويطلقون على مجموع العهدين القديم والجديد اسم " بَيْبِل " ، وهو لفظ يوناني معناه " الكتاب " ، ويكتبون على الغلاف الذي يضم كتب العهدين اسم " الكتاب المقدس " .
فأما العهد القديم الذي هو القسم الأول من " بيبل " كتابهم المقدس فيحتوي الآن على تسعة وثلاثين سِفراً فيما يلي أسماؤها :
1. سِفر التكوين " سفر الخليقة " .
2. " سِفر الخروج " .
3. " سِفر الأحبار " سفر اللاويين " .
4. سِفر العدد .
5. سفر التثنية .

ومجموع هذه الأسفار – الكتب - الخمسة هو ما يُطلقون عليه اسم " أسفار موسى الخمسة " ، وتسمَّى بـ " التوراة " ، وهي كلمة عبرية بمعنى القانون والتعليم والشريعة ، لكنهم الآن يطلقون " التوراة " إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد القديم ، أي : على " أسفار موسى الخمسة " – التوراة - وملحقاتها الآتي ذكرها :
6. سفر يشوع - يوشع بن نون - .
7. سفر القضاة .
8. سفر راعوث .
9. سفر ملاخي .

وأما " العهد الجديد " الذي هو القسم الثاني من " بَيْبِل " كتابهم المقدس فيحتوي الآن على سبعة وعشرين سِفراً فيما يلي أسماؤها :
1. إنجيل مَتَّى .
2. إنجيل مُرقس .
3. إنجيل لوقا .
4. إنجيل يوحنا .

ولفظ الإنجيل مختص بهذه الأسفار الأربعة ، فيقال لها " الأناجيل الأربعة " ، وهو لفظ معرب ، أصله في اليوناني " إنكليوس " ، وفي القبطي " إنكليون " ، ومعناه : البشارة والتعليم والخبر السار ، لكنهم الآن يطلقون لفظ " الإنجيل " إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد الجديد ، أي : على الأناجيل الأربعة وملحقاتها الآتي ذكرها :
5. سفر أعمال الرسل " الإبركسيس " .
6. رسالة بولس إلى أهل رومية .
7. رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس .
8. رؤيا يوحنا اللاهوتي " المشاهدات "
.
وبهذا يكون مجموع أسفار " بَيْبِل " الكتاب المقدس عند النصارى كما يأتي :
على حسب التوراة العبرانية :
العهد القديم ( 39 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 66 سِفراً .
وعلى حسب التوراة اليونانية :
العهد القديم ( 46 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 73 سِفراً " انتهى من " مختصر إظهار الحق " ( ص 6 – 10 ) .
ثانياً:
والعهد الجديد لا يُنكر أن يكون فيه أقوال لعيسى عليه السلام ، فقد جرى التحريف على الإنجيل يقيناً كما أخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى ، ولكنه لم يجر على كل الكتاب ، ولم يُكتب الإنجيل في حياة عيسى عليه السلام ، بل كُتب بعده بوقت طويل وفقاً لأسلوب وتعبير كل كاتب منهم ! مع تعرض ما كتبوه للنسيان والأهواء والتحريف ، ولذلك وجدت التناقضات والاختلافات العظيمة بين تلك الأناجيل ، وقد وُجد في الإنجيل عبارات تُنسب لعيسى عليه السلام تبشِّر بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وفيه وصايا يتضح عليها نور الوحي ، لكننا لا نستطيع الجزم أنَّ شيئاً من ذلك هو من أقواله عليه السلام وذلك لعدم ثبوت ذلك بطريق اليقين ، وكتبة الإنجيل لا نظنهم يزعمون أن كل ما قاله عيسى عليه السلام قد كتبوه في أناجيلهم ، وإلا لما وسعهم أضعاف أضعاف كتبهم تلك .
وكل ما ذكره الله تعالى من أقوال عيسى عليه السلام هو الثابت بيقين ، وكذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يعترف الصادقون من النصارى .
قال الدكتور جمال الحسيني أبو فرحة - أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة " طيبة " بالمدينة المنورة :
إن " باول شفارتزيناو " - أستاذ الثيولوجيا البروتستانتية وعلوم الأديان بجامعة " دورتموند " بألمانيا - نجده يصرح بـ " أن القرآن هو الصورة الأصلية الأولى لتعاليم الكتاب المقدس " ، ويقول : " إنها لحقيقة : إن أقوال عيسى وأقوال المسيحيين الأوائل لم تصل بشكل صحيح إلى العهد الجديد المعاصر" ، ويقول : " إن القرآن هو التكملة الحقيقية لأقوال عيسى المسيح " .
من مقال " ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل " ، " مجلة الفسطاط " .
ثالثاً:
أما بخصوص موقف النصارى من العهد القديم فإنه من المعلوم أن اليهود يؤمنون بالعهد القديم ويكفرون بالعهد الجديد ، وأما النصارى : فهم يؤمنون – جميعاً - بالعهدين ، وهم الذين يطبعونهما معاً باسم " بَيْبل " ، ولا فرق في ذلك بين النصارى المتقدمين أو المعاصرين .
وقد جاء في كتاب "مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية" ( ص 15 ) – وهذا كتاب غاية في الأهمية عند النصارى الكاثوليك وقد طبع بعناية وإشراف الفاتيكان - :
س 21 : ما هي أهمية " العهد القديم " بالنسبة للمسيحيين ؟ .
فأجابوا :
المسيحيون يوقِّرون " العهد القديم " على أنه كلمة الله الحقيقية ! وجميع أسفاره موحَى بها ، وهي تحتفظ بقيمة لا تزول ، وهي تشهد للنهج الذي تنهجه محبة الله الخلاصية ، وقد كتبت خصوصا لإعداد مجيء المسيح مخلِّص الدنيا " انتهى .
وجاء فيه – أيضاً - :
س 23 : ما هو نوع الوحدة بين العهدين القديم والجديد ؟ .
فأجابوا :
الكتاب المقدس واحد ؛ إذ إن كلمة الله واحدة ، وقصد الله الخلاصي واحد ، والوحي الإلهي واحد في هذا العهد وذاك ، العهد القديم يهيئ الجديد ، والعهد الجديد يتمم القديم ، وفي الواحد منهما إيضاح للآخر " انتهى من " مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكي " ( ص 16 ) .
والخلاصة :
هذا حال كتبهم عندهم ، وقد بينَّا حالها على الحقيقة ، وأنه ليس منها كتاب يُنسب للوحي ، وأنها قد كتبت كلها من بشر غير معصومين ولا ملهَمين ، وقد اعترف بهذا الصادقون من المحققين والعلماء ممن ينسب لدينهم ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام ويميتنا عليه .


والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب - بتصرف -

"ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل"




"ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل"

د. جمال الحسيني أبو فرحة

أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة


لقد بات مؤكدًا تطابق اليهودية والمسيحية في شكلهما الحالي مع كثير من الديانات الوثنية القديمة: كالوثنية المصرية القديمة، والوثنية الهندية: البوذية والبرهمية، والوثنية البابلية، والفارسية، والرومانية، واليونانية......الخ.
بل إن تأثر اليهودية بالوثنية بدأت تباشيره مبكرة منذ أن عبد بنو إسرائيل العجل في عصر موسى عليه السلام؛ وهو ما تقرره التوراة المعاصرة وينص عليه القرآن الكريم، واستمرت تلك النزعة الوثنية في جميع عصور اليهودية كما يصرح الكتاب المقدس في كثير من المواضع؛ منها: سفر اللاويين الأصحاح(16)، وسفر الملوك الأول الأصحاح (11)، وسفر نحميا الأصحاح (9)، وسفر المزامير المزمور (106)، وسفر إرميا الأصحاح(2)، والأصحاح (23)؛ وغير ذلك من المواضع كثير؛ لا يتسع المقام لذكره، ولا حاجة – في رأيي – للتوقف كثيرًا عنده؛ فاليهودية ليست ديانة تبشيرية، ولا تدعو أحدًا من غير بني إسرائيل إليها.
أما بالنسبة للمسيحية، ففضلا عن تقديس التماثيل والأيقونات البارزة المنحوتة كما هو الوضع في الكنيسة الرومانية، أو مجرد صورها كما هو الوضع في الكنيسة القبطية، فقد أحصى العلامة "محمد بن طاهر التنّير" - في كتابه "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية"- ستًا وأربعين نقطة تطابق يكاد أن يكون حرفيًا بين ما يقال عن "كرشنا"- معبود الهندوس- وما يقال عن "المسيح". وثمان وأربعين نقطة تطابق بين ما يقال عن "بوذا" – معبود البوذيين- وما يقال عن "المسيح"؛ تشمل: التثليث، والتجسد، وموت الإله الابن، وصلبه، وقيامته من الأموات، والفداء، والتعميد.....الخ ؛ أي جل المعتقدات والشعائر والطقوس المسيحية تقريبًا؛ بالإضافة إلى كثير من تفاصيل حياة السيد المسيح -عليه السلام- المدعاة في الكتاب المقدس.
وأمام هذا التطابق العجيب بين المسيحية والوثنيات القديمة لم يجد فريق من كبار علماء الكتاب المقدس المعاصرين بدًا من الاعتراف به، ومن أبرز هؤلاء العلماء: "جون هك" John Hick في كتابه "أسطورة تجسد الإله"The Myth of God Incarnate ؛ وقد جمع "هك" في كتابه هذا شهادات لكثير من كبار علماء الكتاب المقدس المعاصرين على وقوع ذلك التأثير الوثني على المسيحية.
أما المؤمنون بالمسيحية فلم يجدوا أمامهم كذلك بدًا من الاعتراف بذلك التأثير الوثني ومحاولة تعليله بوحي قديم – كما يقول قديسهم: أبيفانيوس- جاء قبل المسيحية مبشرًا بها - (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا) النجم: 28- أي أنهم يسلمون بالتطابق بين المسيحية والوثنية الناشئ عن التأثير والتأثر إلا أنهم رأوه بشكل معكوس؛ فرأوا السابق متأثرًا باللاحق، واللاحق مؤثرًا في السابق؛ وهي رؤية تتوافق مع نظرة أعلنت منذ البداية وبصراحة فصل العقل عن النقل.
ولا يعقل أن يأتي نبي ويبشر بدين آخر ونبي آخر يأتي من بعده، فيذكر جل ما يتعلق بذلك الدين وبذلك النبي بكثير من التفصيل، وكأن ذلك هو هدفه الأول، ثم ينسى اسم النبي المبشر، واسم النبي المبشر به، ولا تنسى البشارة؛ فتنسب مرة لبوذا، ومرة لكرشنا، ومرة للمسيح، ومرات لغير هؤلاء؛ فتنقلب البشارة إلى ضلالة.
ثم إنه إذا كان تطابق المسيحية مع الوثنيات القديمة مرده إلى البشارة؛ فلماذا لم يبشر أنبياء بني إسرائيل بهذه العقائد المسيحية الوثنية؟!.
لقد كان عيسى –عليه السلام- بريئًا من القول بهذه العقائد المسيحية الوثنية براءة تبرهنها الدراسات العلمية المعاصرة؛ مما حدا بـ "فلهوزن" –أحد كبار علماء اللاهوت الألمان المعاصرين- أن يعلن قائلا: (كان عيسى رجلا يهوديًا ولم يك قط مسيحيًا) !.
بل إن "باول شفارتزيناو"- أستاذ الثيولوجيا البروتستانتية وعلوم الأديان بجامعة "دورتموند" بألمانيا- نجده يصرح بـ "أن القرآن هو الصورة الأصلية الأولى لتعاليم الكتاب المقدس"، ويقول: "إنها لحقيقة: إن أقوال عيسى وأقوال المسيحيين الأوائل لم تصل بشكل صحيح إلى العهد الجديد المعاصر"، ويقول: "إن القرآن هو التكملة الحقيقية لأقوال عيسى المسيح".
فصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم:
"يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد"
المائدة: 117:116.

الأحد، 12 فبراير 2012

الصبر الجميل والصفح الجميل والهجر الجميل




أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه بالصبر الجميل والصفح الجميل والهجر الجميل

قال تعالى :{فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج: 5]

وقال تعالى :{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85]

وقال عز وجل:{وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } [المزمل: 10]

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:

الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه

والصفح الجميل هو الذى لا عتاب معه

والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه.


(ابن القيم - مدارج السالكين "منزلة الصبر"

السبت، 11 فبراير 2012

من عالـمات ومحدثات الجـزائر : أم الحـياء البسكرية



بسم الله الرحمن الرحيم
من عالـمات الجـزائر : ( أم الحـياء البسكرية )

عالمة من عالمات وعلماء الجزائر ورائدة من نساء الإسلام
(1)؛ نتشرف بها ونفتخر على مدى الدهور.. لقد كتب عنها بعض المؤلفين وأهمهم السخاوي في كتابه الضوء اللامع(2) ونقل عنه نويهض صاحب أعلام الجزائر(3) وأحمد رضا كحالة(4)..
ودرس حياتها بعض الباحثين أحدهم وهو جمال الدين بن عمار بن الشريف كتب عنها كتيبا للأطفال والبنات دون الإشارة إلى المراجع(
5)..
كما كتب عنها الأستاذ فوزي مصمودي بحثا مختصرا تضمنه كتابه أعلام من بسكرة
(6).. وأخيرا الأستاذ عبد الحليم صيد(7) الذي أرى أن بحثه أوفى ما كتب عن أم الحياء لحد الآن حسب علمي..
ولقد لاحظت بعد قراءتي لكل هذه المعلومات بنوع من الصبر والأناة تعلمتهما من الأستاذ عبد الحليم صيد -والفضل لأهل الفضل.. لاحظت حسب المعطيات أن هنالك محطات تستحق التوقف عندها والتثبت منها، كما أن البحث ليس له نهاية؛ فلأجرب حظي.. وأنا لا أدعي العلم ولا الصواب ولذلك أتمنى على من يقرأ بحثي هذا أن يردني إلى الصواب أو يصحح لي ما قد أكون أخطأت فيه..

وهذه المحطات هي:
أولا- جدها لأمها
هو يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن البنا جمال الدين المدني، أعياني البحث عن ترجمة له.. ولما كدت آيس وجدت له ترجمة عند أبي الطيب الفاسي(9) وذكر محقق الكتاب أنه لم يجد للبناء ترجمة في كل المصادر التي توفرت لديه.. ولم يحدد تاريخ وفاته لسقوط كلمة من المخطوط المحقق "مات ..(10) وثمانين وسبعمائة بالمدينة النبوية" فهل هي واحد أو اثنين أو.. أو تسع..الخ؟؟
ولكنني وجدت عند ابن حجر في إنبائه
(11) وقد ذكره في وفيات سنة 790 هـ في شهر ذي الحجة؛ مع العلم أن صاحب الضوء ذكر في ترجمة ابنة ابنته أم الحياء أنها حضرت عليه سنة 789 نسخة أبي مسهر(12)..
فلعله توفي آخر سنة 789 أي بين ذي الحجة 789 وبداية سنة 790 أي محرم؛ فذكره الفاسي في سنة 789 لأنه أنسب احتمال لما سقط من المخطوطة.. وذكره صاحب الإنباء في وفيات سنة 790هـ.
ولم أعثر على ترجمة مستقلة أخرى لابن البنا ولعل ترجمته أن تكون في الجزء المفقود من التحفة اللطيفة..
(13)

ثانيا- والدها
هو المحدث محمد بن محمد بن عمر بن عنقة البسكري المدني أبو جعفر البسكري
(14) ثم المدني كان يسكن المدينة ويجوب البلاد، وقد سمع من جمال الدين بن نباتة قديما، ثم طلب بنفسه فسمع الكثير من بقية أصحاب الفخر بدمشق، وحمل عن ابن رافع وابن كثير، وحصل الأجزاء وتعب كثيرا ولم ينجب. سمع على عمر بن حسن بن مزيد بن أميلة المراغي المزي جامع الترمذي وسنن أبي داود وسمع من الشيخ تقي الدين محمد بن رافع، وحدث سمع منه القاضي شهاب الدين ابن حجر.
يقول ابن حجر: سمعت منه يسيرا، وكان متوددا، رجع من الإسكندرية إلى مصر فمات بالساحل غريبا رحمه الله.
(15) توفي في جمادى الآخرة سنة 804 هـ.

ثالثا- أمها؟ (16)
لم يذكر أحد من الباحثين شيئا عن والدة أم الحياء رغم ذكرهم لجدها لأمها ابن البنا جمال الدين المدني الذي كان يشتغل بالحديث ودرس عليه والد أم الحياء ابن عنقة البسكري ثم صاهره على ابنته.. ولكن المؤرخين لم يذكروا شيئا عن هذه البنت التي زوجها الشيخ لتلميذه البسكري الغريب؟..
(17)
ولكنني ومن خلال بحثي وجدت ترجمة لسيدة فاضلة كانت من أهل العلم اشتركت مع أم الحياء في عدة مناسبات:

1/ أنهما تلتقيان في الشيخ جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن البنا؛ فأم الحياء حفيدته ابنة ابنته.. وزينب ابنته..
2/ أنهما درستا عند ابن البنا هذا في سنة 789 نسخة أبي مسهر.
3/ أنهما درستا عند الشيخ البرهان ابن صديق الأربعين المخرجة
4/ أجاز لهما ابن الذهبي(
18)
5/ أخذ عنهما النجم ابن فهد
(19)
6/ أنهما مدنيتان(20)
7/ كما أنهما أخذتا عن علماء آخرين سنذكرهم لاحقا –إن شاء الله-(21)
وهذه السيدة هي زينب بنت يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن البنا المدنية نزيلة مكة. سمعت من أبيها في سنة 789 نسخة أبي مسهر وكانت خيرة متعبدة أخذ عنها النجم بن فهد وغيره. وماتت في رمضان سنة 849 هـ بمكة تحت هدم شهيدة رحمها الله.(22)
والذي أعتقده أن هذه السيدة هي نفسها والدة أم الحياء وذلك للأسباب التالية:
1/ أن أم الحياء نابغة عالمة ولا بد أنها خرجت من بيت علم وفقه ودين؛ فوالدها عالم وجدها لأمها عالم ولا غرابة أن تكون أمها أيضا عالمة.. لأن والدة أم الحياء أيضا نبتت في بيئة علمية فزوجها عالم ووالدها عالم.. ولذلك أنجبت عالمة هي سيدتنا أم الحياء.. ومن المناسب أن يكون ابن البنا أعجب بالبسكري ونبوغه فزوجه ابنته التلميذة النجيبة..(23)
2/ أنها عاشت في المدينة وهي البيئة الأولى والطبيعية لأم الحياء ووالدها ابن عنقة ولجدها ابن البنا..
3/ أن كليهما نزل مكة
4/ أن فارق السن بينهما لا يمنع أن تكون زينب بنت البنا أما لأم الحياء.
ولد أبوها: سنة (بضع وأربعين وسبعمائة) أي بين: 740-؟749؟
ولنفرض أنه ولد سنة 747 مثلا
ولدت هي حوالي 763-773 حسب احتمالات أستاذنا صيد(24)
سمعت من جدها 789
سمعت زينب من أبيها 789
توفي أبوها في 804
توفيت هي في 845
توفيت زينب في 849
عمر والدها منذ ولادته حتى وفاته: 804-747 = 57 سنة
إذا افترضنا أنها ولدت سنة 763:
يكون عمر والدها عند ولادتها 763-747= 016 وهذا مستبعد وليس مستحيلا
إذا فرضنا أنها ولدت سنة 773
يكون عمر والدها عند ولادتها 773-747= 26 وهذا ممكن
ويكون عمرها عندما سمعت من جدها 789-773= 016 وهذا ممكن
ويكون عمرها عند وفاة والدها: 804-773= 31 سنة
ويكون عمرها عند وفاتها: 845-773= 72 سنة
**********
والآن لنفترض أن زينب بنت البنا أمها:
فيكون عمرها منذ سماعها من أبيها إلى وفاتها 849-789= 60 ونعتبرها حياتها العلمية.
نفترض أنها أكبر من ابنتها صفية ب: 20 سنة مثلا:
773-20= 753
والفرق بينها وبين زوجها: 747-753= 14
يكون عمرها عند وفاتها 849-753= 96 وهذا معقول
وبالتالي فيمكن أن تكون أم الحياء وأمها المفترضة زينب تلميذتين عند ابن البنا سنة 789 وعمرهما: 36 و16 سنة.. وهذا لا يعني أن زينب لم تدرس من قبل فالمفروض أنها تعلمت على أبيها منذ نعومة أظافرها..(25)

رابعا- تاريخ ميلادها وعمرها؟
لقد استوفينا هذا البحث في المحطة الأولى. ونلخصه فيما يلي:
أن أم الحياء مولودة سنة 773
وزينب مولودة سنة 753
وبعد الاطلاع على تاريخ ميلاد والدها الذي يكون سنة 727 هـ فقد توفي سنة 790 حسب الإنباء وقال أنه مات عن 73 سنة فيكون إذن من مواليد سنة 727 هـ.(26)
فيكون بينها وبين أبيها 26 سنة وهذا ممكن ومعقول..

خامسا- شيوخها:
1- جدها لأمها جمال الدين بن البنا سمعت عليه ابنته زينب وحفيدته أم الحياء نسخة أبي مسهر سنة 789، كما سبق وأن ذكرنا؛} كما ذكر ابن فهد في الدر الكمين عن زينب بنت البنا أنها سمعت قبل ذلك من أبيها مشيخة ابن شاذان الصغرى سنة 786 هـ.
نسخة أبي مسهر؟
بالنسبة لنسخة أبي مسهر التي سمعتها أم الحياء من جدها لأمها ابن البنا فلم يتعرض لها الأستاذ مصمودي أما الأستاذ صيد فقد اجتهد وقال: (ولعل هذه النسخة لكتاب في المغازي) وقد اجتهد مشكورا؛ ولكن الحقيقة أن نسخة أبي مسهر كتاب في الحديث يضم مجموعة أجزاء حديثية أشهرها جزء أبي مسهر وهذا الكتاب مطبوع ومعروف.(27)
2- ووالدها؟ ولقد أشار الأستاذ صيد إلى أنه من البديهي أن تكون أم الحياء تتلمذت على والدها. وهذا ممكن بل ولازم. يقول الأستاذ صيد: "بقي أن نشير إلى إسقاط السخاوي والدها من شيوخها، ولعل هذا الإسقاط كان متعمدا لكون الأمر بدهيا؛ فأبوها العالم هو أول الشيوخ الذين أخذت عنهم وحبب إليها علم الحديث وطلبه".(28) وأضيف قائلا: وزينب بنت البنا أمها أو خالتها أيضا كانت من شيخاتها ولعلها أول من علمها..
3- العراقي وألفيته في السيرة
قال السخاوي: (وقد حضرت على الشيخ زين الدين العراقي ألفيته في السيرة النبوية من نظمه بفوت) وقد أوضح الأستاذ صيد أن العراقي هو الحافظ الكبير عبد الرحيم العراقي مخرج كتاب الإحياء المتوفي سنة 806 هـ.. وهو أبو الفضل الكردي الأصل الشافعي تحول والده لمصر وهو صغير مع بعض أقربائه فاختص بالشيخ القناوي ولازم خدمته ورزقه الله قرينة صالحة فولدت له عبد الرحيم هذا وذلك في 11 جمادى الأولى سنة 725 بالمنشية، سمع من الأمير سنجر الجاولي والقاضي تقي الدين الأخنائي وغيرهم..
(بفوت) وهذا يعني أنه فاتها بعض الألفية كما ذكر الأستاذ صيد.(29)
ألفية العراقي في السيرة
ومن تصانيفه الألفية في علوم الحديث وفي السيرة النبوية وفي غريب القرآن.. أما ألفيته السيرة فسماها: (الدرر السنية في نظم السيرة النبوية) وهي ألف بيت شعر من الرجز –وهو من الشعر الخفيف- وشرحها زين العابدين عبد الرؤوف المناوي المتوفى في حدود سنة 1013 شرحا مبسوطا ثم لخصه وسماه الفتوحات السبحانية..
4- من هو ابن صديق؟
أما (ابن صديق الذي سمعت عليه) فهو غير (محمد بن صديق المكي الشافعي)؛ بل هو (إبراهيم بن محمد بن أبي بكر صديق برهان الدين أبو إسحاق الدمشقي الحريري الصوفي الشافعي المؤذن المجاور بالحرمين شيخ شيوخنا ويعرف بابن الرسال أو الرسام وهي حرفة أبيه وبابن صديق ولد في آخر سنة 719 أو أول التي تليها بدمشق ونشأ فحفظ القرآن والتنبيه أو بعضه وسمع على الحجار توفي سنة 806 هـ).(30)
ماذا سمعت على ابن صديق؟
أما ما سمعته على ابن صديق فهو الأربعون المخرجة للحجار كما ورد في (دور المرأة المكية) للشيخ عائض الزهراني نقلا عن معجم الشيوخ لابن فهد.. وكذلك في الدر الكمين أنها سمعت من البرهان ابن صديق الأربعين المخرجة للحجار.(31)
ولقد جهدت في البحث ولم أجد سوى أن بعض تلاميذ الحجار أخذ عنه هذه الأربعين المخرجة؛ كما أحصى صاحب كشف الظنون كثيرا من المؤلفات بهذا العنوان (الأربعين) أي حديثا وأشهرها الأربعون النووية..
يقول: " وقد صنف العلماء في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات واختلفت مقاصدهم في تأليفها وجمعها وترتيبها فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد وإثبات الصفات ومنهم من قصد ذكر أحاديث الأحكام ومنهم من اقتصر على ما يتعلق بالعبادات ومنهم من اختار حديث المواعظ والرقائق ومنهم من قصد إخراج ما صح سنده وسلم من الطعن ومنهم من قصد ما علا إسناده ومنهم من أحب تخريج ما طال متنه وظهر لسماعه حين يسمعه حسنه إلى غير ذلك وسمى كل واحد منهم كتابه بكتاب الأربعين.."(31م)
من هو الحجار صاحب الأربعين؟
مسند الآفاق مسند الدنيا شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي الحجار ابن الشحنة: قال البرزالي مولده سنة 623 هـ وتوفي سنة 730 هـ وهو من قرية من قرى وادي بردا بدمشق انفرد بالرواية عن الحسين الزبيدي وبين سماعه للصحيح وموته مائة سنة وسافر إلى القاهرة مرتين مطلوبا مكرما ليحدث بها وعمر مائة عام وسبعة أعوام وانفرد بالدنيا بالإسناد عن الزبيدي وكان أميا يوم لا يسمع عليه يخرج إلى الجبل مع الحجارين يقطع الحجارة وألحق أولاد الأولاد بالأجداد وكان ربما خرج الطلبة إليه وهو يقطع الحجارة ليسمعهم فيقول اقرءوا على الفروة وكان إذا قلب عليه سند حديث يقول لم أسمعه هكذا وإنما سمعته كذا وكذا طبق ما في الصحيح وقال الذهبي حدث يوم موته وسمع من الزبيدي وابن اللتي وأجاز له ابن روزبة وابن القطيعي وعدة ونزل الناس بموته درجة ومات بصالحية دمشق في 25 صفر.(32)


سادسا- من أجاز لها:
1- أبو هريرة ابن الذهبي
وهو المحدث شهاب الدين عبد الرحمن بن محمد التركماني الأصل الدمشقي أبو هريرة بن الذهبي الشافعي الشامي وهو ابن الحافظ شمس الدين. ولد سنة 715 وأجاز له التقي سليمان وست الوزراء وأحضر عليهما وسمع الكثير من عيسى المطعم وابن الشيرازي وحدث قديما بعد الأربعين واستمر يحدث إلى أن مات في ربيع الآخر سنة 799 هـ(33)
2- شيخها التنوخي؟
وممن أجاز لها التنوخي ولقد قال عنه أستاذنا صيد: (الذي لم أهتد إليه بعد) ولقد بحثت عنه كثيرا فلقد بحثت عن كل من اتصف بهذه النسبة ثم أخذت أحقق في تراجم من أمكن منهم حتى وجدت من كنت أبحث عنه في فهرس الفهارس، وهو في الحقيقة: إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن سعيد التنوخي –بفتح الفوقية وضم النون الخفيفة وبالخاء المعجمة- البعلي، الشامي نزيل القاهرة، ولد سنة 706، أجاز له ابن عبد الدائم وأبو نصر بن الشيرازي والقاسم بن عساكر وروى أذكار النووي، ثم طلب الحديث بنفسه فسمع من جمع كثير، وسمع منه الحافظ الذهبي بعد الأربعين، وتفرد بكثير من مسموعاته. قال ابن حجر: قرأت عليه الكثير ولازمته طويلا وخرجت له عشاريات ثم خرجت له المعجم الكبير، مات فجأة سنة 800 هـ..(34)
3- ابن أبي المجد؟ (35)
وقد ذكره الأستاذ صيد: وهو المحدث عماد الدين أبو بكر بن أبي المجد المصري الدمشقي المتوفي سنة 804 هـ، الشهير بالعماد الحنبلي، ولد بصالحية دمشق سنة 730، وسمع من عامة أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية وسمع على الحافظ جمال الدين المزي، وعلى أصحاب محيي الدين النووي وبرع في الحديث، وكان ثقة متضلعا في السنة الشريفة، حافظا لكثير من متون الأحاديث، متحريا لإتباع السنة، خرج من الكتب الستة وغيرها كتابا كبيرا في عدة مجلدات سماه الأوامر والنواهي واختصر كتاب تهذيب الكمال وكتب الكثير بخطه..


سابعا- وجماعة:(36)
لقد تطلعت إلى معرفة هؤلاء الجماعة الذين أجازوا لأم الحياء أو بعضهم وأخيرا وفقني الله تعالى إلى ذلك حيث وجدت مصدرا من مصادر التاريخ والتراجم وهو كتاب الدر الكمين لابن فهد الهاشمي المكي تعرض فيه لترجمة وافية عن أم الحياء وعرفت من خلاله شيوخا آخرين؛ بل وشيخات تشرفت أم الحياء بنيل إجازاتهم وإجازاتهن وهذه تراجم لمن ذكرهم المكي:(37)
4- إبراهيم بن أحمد بن عبد الهادي
إبراهيم بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الصالحي المعروف بالقاضي. ولد بدمشق سنة 726، سمع على الحجار، وسمع على القاضي شرف الدين المقدسي سيرة ابن إسحاق وتهذيب ابن هشام النحوي، وسمع على عائشة بنت محمد بن مسلم الحراني، وأحمد بن علي الجزري، وعلى زينب بنت الكمال المقدسية. ومات في شوال سنة 800 بصالحية دمشق.(38)
5- وأخوه أبو بكر
أبو بكر بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الصالحي الحنبلي عماد الدين. سمع على الحجار كتاب ذم الكلام للهروي، وأجاز له الختني والدبوسي والواني وعبد الله بن الصنهاجي وغيرهم، وأجاز له ابن سعد وابن عساكر وابن العماد الكاتب والرضي الطبري وغيرهم، ومات في 6 محرم 799 هـ بصالحية دمشق، ومولده تقريبا في سنة 720.(39)
6- أبو بكر بن إبراهيم بن محمد المقدسي
أبو بكر بن إبراهيم بن محمد المقدسي، عماد الدين الحنبلي المعروف بالفرائضي، ولد سنة 723 وسمع الكثير على الحجار وابن الزراد وغيرهما، وأجاز له أبو نصر بن الشيرازي والقاسم بن عساكر وآخرون، يقول تلميذه ابن حجر: وأكثرت عليه، وكان قبل ذلك عسرا في التحديث فسهل الله تعالى لي خلقه. توفي أيام حصار تيمور لدمشق سنة 803 هـ.(40)
7- أحمد بن علي بن عبد الحق
أحمد بن علي بن محمد، كمال الدين أبو العباس بن الصلاح الدمشقي الحنفي الشمس الرقي المقري ويعرف بابن عبد الحق وقديما بابن قاضي الحصن وعبد الحق جده لأمه. ولد سنة 732 أحضر بإفادة جده لأمه على أبي محمد بن أبي التائب وأسماء بنت صصري وسمع على المزي والبرزالي وأكثر والشمس بن نباتة وعائشة ابنة مسلم الحرانية وتفرد بأشياء وحدث بالكثير، سمع منه ابن حجر وأجاز للشيخ أبي الفتح بن أبي بكر العثماني المراغي. مات في 802 وقد جاز السبعين..(41)
8- عبد الله بن خليل الحرستاني
عبد الله بن خليل التقي أبو عبد الرحمن الحرستاني ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي المؤدب. ولد سنة 728 وسمع الكثير من الشرف بن الحافظ والمزي وزينب ابنة الكمال وآخرين وأجاز له الحجار وابن عنتر والبندجيني والبرزالي والذهبي وحدث. يقول السخاوي: وروى لنا عنه غير واحد منهم سبطته فاطمة ابنة خليل روت لنا عنه الشمائل النبوية سماعا بسماعه لها على ثلاثين شيخا. مات سنة 805 هـ.(42)
9- حلة بنت حسن العتال
حلة بنت حسن بن محمد بن محمد بن أحمد الدمشقية ابنة الكيال(43). سمعت على أبي الحسن البندجيني والحافظين المزي والبرزالي وآخرين قطعة من الترمذي وهي من أثناء تفسير النساء من حديث ابن مسعود إلى تفسير مريم وعلى الشهاب أحمد بن المظفر منتقى من حديثه وحدثت. كما أنها أجازت لابن فهد سنة 807 وذكرها في معجمه.
وحسب ذكرها في الضوء اللامع فهي من وفيات القرن التاسع الهجري..(44)
10- فاطمة بنت المنجى
فاطمة ابنة محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان بن المنجا أم الحسن التنوخية الدمشقية ابنة القاضي عز الدين، المعمرة الأصيلة. ولدت سنة 712 تقريبا، وأسمعت على ابن أبي التائب وأجاز لها التقي سليمان وأبو بكر الدشتي وابن عساكر وست الوزراء وجمع جم وتفردت بالرواية عنهم في الدنيا وحدثت بالكثير. وماتت في ربيع الآخر سنة 803، قبل استيلاء تيمورلنك على دمشق..(45)
11- فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي
فاطمة ابنة محمد بن عبد الهادي أم يوسف المقدسية ثم الصالحية أخت عائشة ولدت سنة 719 وأسمعت الكثير على الحجار وابن أبي التائب، وأجاز لها الشيرازي وأبو محمد بن عساكر وعبد الرحيم المنشاوي وحدثت بالكثير وأكثر عنها شيخنا وذكرها في معجمه وغيره وقال كان أبوها محتسب الصالحية وهو عم الحافظ الشمس بن عبد الهادي ونعم الشيخة ماتت في شعبان سنة 803 بصالحية دمشق أيام حصار تمر لها أو رحيله عنها، وتبعه المقريزي في عقوده.(46)


ثامنا- تلاميذها(47)
قال صاحب الضوء اللامع: وممن أخذ عنها النجم ابن فهد. وقال الدكتور الزهراني: وأخذ عنها النجم بن فهد وغيره من العلماء. وفي التبر: أخذ عنها صاحبنا ابن فهد..
النجم بن فهد: عمر بن محمد شيخ الجماعة النجم والسراج أبو القسم ويسمى محمدا لكنه بعمر أشهر، ويعرف بابن فهد المكي الشافعي العالم المشهور المحدث الكبير في عصره ولد في سنة 812 فحفظ القرآن ثم كتابا في الحديث ألفه له والده وبكر به أبوه فأحضره وأسمعه الكثير بمكة على مشايخها والقادمين إليها.. وتوفي سنة 885هـ(48)
هل السخاوي من تلاميذ أم الحياء؟
رغم أن كتاب أبي محمد جمال بن عمار بن الشريف، لم يكن كتاب تاريخ ولا تراجم غير أنه يذكر أن السخاوي من تلاميذ أم الحياء؛ يقول: (وتخرج على يديها مجموعة من العالمات ومجموعة من العلماء منهم النجم بن فهد والسخاوي).. ورغم أنني لم أجد أحدا يذكر ذلك غير أنه قد يكون ذلك صحيحا والبحث متصل وقد نجد في معجم شيوخ ابن فهد كثيرا من المعلومات الجديدة..\


وقفات: (49)
هناك عبارات وردت أثناء الترجمة في الضوء اللامع، وقد ترد في غيره، وقد يفهم منها غير ما قصد بها، ولذلك كان لزاما علينا أن نجتهد في تقريب معانيها للقارئ الكريم، وذلك أن من وسائل فهم الكتب القديمة محاولة قراءتها من أولها إلى يائها لمعرفة لغة الكاتب وفهم مفرداته؛ فليس المقصود من مصطلحاته دائما ما نقصده نحن في هذا العصر. فهناك مصطلحات ومفردات تختلف معانيها حسب العصور والبيئات، ومما ورد منها في كتاب الضوء اللامع..
حضرت في الأولى.. والرابعة؟؟(50)
إن من وسائل طلب العلم الرحلة والمجاورة في الحرمين الشريفين وحتى في مساجد كبرى أخرى عبر العالم الإسلامي كالأزهر والأموي مثلا..
وعندما بحثت في كتاب الضوء اللامع عن مثل هذه العبارة وجدت أنها تنحصر فيما يلي:
الدخول/ المجاورة/ الحج/ الرحلة/ القدمة/ السفر/ الزيارة..
وبما أن أم الحياء مدنية ولدت وعاشت في المدينة فلا يبقى من هذه العبارات سوى المجاورة فلعلها جاورت كعادة العلماء والعباد في المسجد النبوي خاصة وأن السخاوي يصرح بأن الأولى كانت في المدينة حيث حضرت على جدها نسخة أبي مسهر في ربيع الآخر سنة 789..
وأنا لا أشاطر الأستاذ صيد الرأي إذ يقول: (فأغلب الظن أنه يقصد بالأولى والرابعة عدد رحلاتها لأجل التحصيل والطلب فتكون قد رحلت أربع مرات) فهي مدنية مقيمة بالمدينة فكيف ترحل إليها وقد قطع السخاوي وغيره بأن الأولى كانت على جدها بالمدينة؛ فلعل المقصود بالأولى والرابعة المجاورة، سواء كان ذلك بمكة أو بالمدينة والله أعلم..
يقول العبيكان: لا حاجة بنا إلى إبراز الأهمية التي كانت لمكة المكرمة والمكانة الخاصة التي كانت تتمتع بها لدى المسلمين، فهي محجهم ومهوى أفئدتهم ولذلك اتجهت إليها أعداد كبيرة من المسلمين حجاجا وطلاب علم، وغير قليل منهم فضل الإقامة بها لقضاء فترة صفاء روحي في جوار بيت الله وعلى أرضها المقدسة، ومن هنا نشأ ما عرف في التاريخ الإسلامي باسم "المجاورة" ومنهم من قصدها لآداء الفريضة والمكث فيها مدة قصيرة ولكنها حافلة بلقاء العلماء.(51)
بفوت
هذه الكلمة أيضا شرحها الأستاذ صيد وذكر أنها تعني أن أم الحياء قد فاتها بعض ألفية سيرة العراقي ولعله كان يسيرا لا يخل..(52)
لم ينجب
ذكر السخاوي في الضوء اللامع نقلا عن الإنباء أن ابن عنقة (لم ينجب)(53).. فما الذي يقصده بذلك خاصة وأن صاحب الإنباء ذكر ذلك فعلا؟..
هل يقصد أنه لم ينجب إطلاقا؟ هذا مستبعد فالسخاوي نفسه ذكر ترجمة أم الحياء ناسبا إياها إلى أبيها (أم الحياء ابنة المحدث الشمس أبي جعفر البسكرية)..
ولعل المقصود ما ذكره أستاذنا صيد وهو أن ابن عنقة لم ينجب ذكورا(54).. ولعله رزق أولادا وماتوا صغارا.. أما تكنيته بأبي جعفر فليس هو الوحيد المكنى من غير إنجاب.. فأمنا عائشة رضي الله عنها كنيتها أم عبد الله رغم أنها لم تنجب إطلاقا، لا ذكورا ولا إناثا..
كما وجدت في معرض بحثي عن معنى /لم ينجب/ أن من بين معانيها أنه لم ينجب تلاميذ كما ورد في بعض الكتب مثل عيون الإنباء الذي يقول عن أحد من ترجم له وهو أبو القاسم مسلمة بن أحمد: (وقد توفي.. قبل مبعث الفتنة في سنة ثمان وتسعين وثلثمائة وقد أنجب تلاميذ جلة لم ينجب عالم بالأندلس مثلهم فمن أشهرهم ابن السمح وابن الصفار والزهراوي والكرماني وابن خلدون) (55)، وفي التحفة اللطيفة ورد عن محمد بن عبد الله السبتي المغربي عن ابن فرحون: وإن قلت إنه لم ينجب أحد من أبناء زمانه على يد غيره من المعلمين صدقت. (56) ويقول صاحب الإنباء في ترجمة علي بن محمد البعلي ثم الدمشقي الحنبلي علاء الدين المعروف بابن اللحام.. (وكان أبوه لحاما فمات وعلاء الدين رضيع فرباه خاله وعلمه صنعة الكتابة ثم حبب إليه الطلب فطلب بنفسه وأنجب إلى أن صار شيخ الحنابلة بالشام مع ابن مفلح فانتفع الناس به.). فقد يفهم من هذه العبارة النجابة وليس الإنجاب.. والله أعلم(57) كما يشير إليه صراحة صاحب الضوء بقوله عن أحد من ترجم له: (وذكر لي ولده وهو من النجباء)(58)
وأخيرا
هل أم الحياء مغمورة؟
فليست أم الحياء البسكرية مغمورة ولا مجهولة بل نحن الذين لم نحسن البحث عنها؛ وإلا فهي مشهورة مذكورة مشكورة تحلو المجالس بذكرها وتتشرف الأوطان بنسبتها إليها فهي بسكرية الأصل كما ذكر الأستاذ صيد وقد أصاب في ذلك (59) وليدة المدينة ونزيلة مكة والمتوفاة بها، فقد حازت شرف الانتساب إلى بلاد الزيبان حيث مثوى الصحابي الجليل عقبة بن نافع الفهري المكي وجزائر الشهداء ونالت فخر الانتساب إلى الحرمين الشريفين فمنطلقها المدينة ومنتهاها مكة، ويكفي أنها ماتت في ليلة الجمعة وصلي عليها صبح ليلتها عند باب الكعبة ودفنت بالمعلاة، عليها رحمة الله.(60)
أما الأوائل فقد ترجموا لها وكتبوا عنها وكانوا أوفياء لذكراها.. وكم يحس الواحد منا بالحسرة عندما يدرك أنه لا أحد من الرجال ولا من النساء يعرف شيئا عن أم الحياء إلا المهتمون بالتاريخ والتراجم..
وأما قول الأستاذ صيد: (ومهما يكن من أمر فإن النتف التاريخية التي تبقت لنا من حياة أم الحياء تنبئ عن علو همتها).. وقوله: (قليلة جدا الكتب التي ترجمت لأم الحياء وتعرضت لذكرها)..(61)
وقول الأستاذ مصمودي: (كنموذج حي على ذلك المحدثة أم الحياء البسكرية التي رغم طول مدة بحثي عن سيرتها وشخصيتها والتنقيب عن بعض آثارها، لم أعثر إلا على جذاذات مختصرة ونتف شحيحة ومعلومات مقتضبة عن حياتها، مبثوثة في بطون بعض كتب التراجم..(62)
هذه الأقوال صحيحة بالمقارنة مع الفترة التي قيلت فيها وقد كان الأستاذان رائدين بامتياز في البحث في ركام التاريخ والأوراق عن أسطر قليلة عن عظماء سطروا التاريخ بجدارة ولكن وقعت فترة انقطاع سببها سياسة التجهيل التي نهجها الاستدمار الفرنسي بهدف قطع الأوصال وفك الارتباط بين السلف والخلف فالذي لا تاريخ له لا مستقبل له؛ والجاهل لتاريخه كالذي ليس له تاريخ..
ولكن وقد سطعت شمس الاستقلال فقد لزمنا أن ننفض الغبار عن تاريخنا وعن تاريخ أجدادنا من العظماء والعلماء والمشايخ الذين لم يكتفوا بالمكث هنا بل طمحت هممهم إلى بلوغ أقصى ما تبلغه إبلهم وأقدامهم وقد يكفي مثالا لذلك العالم المقتدر ابن جبارة البسكري وأحمد البسكري الهندي وناصر بن مزني وغيرهم كثير..(63)
وهكذا
فالحمد لله هناك تراجم كثيرة لسيدتنا أم الحياء مع تفصيل عن شيوخها وشيخاتها وما أخذت عنهم من علم أو سمعت أو حضرت أو أجيزت فيه.. ويبقى المصدر الأساسي وهم معجم شيوخ ابن فهد الذي لم أستطع الحصول عليه أو الوصول إليه لحد الآن ولعل الله تعالى ييسر ذلك في قابل الأيام..
فقد ذكرها السخاوي في الضوء والتبر، وابن فهد في الدر الكمين وفي اتحاف الورى، كما ذكرها من المحدثين غير من ذكرها في البداية العبيكان في الحياة العلمية والاجتماعية في مكة في القرنين 7، و8 للهجرة وعائض بن محمد الزهراني في دور المرأة المكية، مجلة الدارة..


.................................................. ........................................
الهوامش:
1- أنجبت بسكرة علماء وعظماء عبر التاريخ .. انظر مثلا (علماء منطقة الزيبان) للشيخ ابن حبة تحقيق الأستاذ عبد الحليم صيد منشورات جمعية أضواء للثقافة والفنون الدرامية والأناشيد بسكرة - وتعريف الخلف برجال السلف لأبي القاسم محمد الحفناوي وكذلك أعلام من بسكرة للأستاذ فوزي مصمودي.. الخ
2- الضوء اللامع شمس الدين السخاوي ج12 ص71 طبعة دار الجيل بيروت
3- معجم أعلام الجزائر عادل نويهض ص 23/24 طبعة مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر بيروت لبنان
4- أعلام النساء: أحمد رضا كحالة ج 2 ص 349 طبعة مؤسسة الرسالة
5- أم الحياء البسكرية أبو محمد جمال بن عمار بن الشريف سلسلة عالمات الجزائر - مطبعة دار الهدى عين مليلة الجزائر الطبعة الأولى 1990م
6- فوزي مصمودي أعلام من بسكرة ج1 ص 25/30 الجمعية الخلدونية بسكرة 2001 مطبعة الصقر
7- المحدثة أم الحياء البسكرية عالمة تناستها الأجيال عبد الحليم صيد يومية الشعب: يومي: 23/24 جويلية 1996؛ والأستاذ صيد مذكور في موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين رابح خدوسي ص 208
8- هذا الترتيب ليس تاريخيا ولكنه مجرد عرض..
9- ذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد لأبي الطيب التقي الفاسي المكي تحقيق محمد صالح المراد ج 3 ص 330-331
10- نفس المرجع: ص 331 بياض في الأصل
11- إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر ج1 ص 362 غير أنه جعله يوسف بن أحمد بن إبراهيم والصحيح أنه يوسف بن إبراهيم بن أحمد فجعل جده أباه والعكس..
12- الضوء اللامع: ج 12 ص71، الدر الكمين بذيل العقد الثمين لعمر بن فهد الهاشمي المكي ج1 ص1479، التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي ج2 ص26
13- المعروف أن قسما من التحفة مفقود وهو من بقية الميم إلى آخر التراجم، وقد قرأت في بعض الأخبار أن المفقود قد عثر عليه ولعله لم يطبع بعد..
14- الضوء اللامع ج 9 ص 172-173، تبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني ص 1506، ذيل التقييد ج1 ص 408-409
15- إنباء الغمر ج2 ص221
16- هي ابنة يوسف بن البنا لم يذكر اسمها..
17- الضوء اللامع ج9 ص172
18- الضوء اللامع ج 12 ص71، 50، الدر الكمين بذيل العقد الثمين لعمر بن فهد الهاشمي المكي ج1 ص1479، 1454، التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي ج2 ص26، 128
19- النجم بن فهد: معجم ابن فهد ص 306 نقلا عن دور المرأة المكية مجلة الدارة ع3 س 31 رجب 1426هـ ص: 336.
20- يقول السخاوي عن كلتيهما: المدنية نزيلة مكة.. وعن أبيها ابن عنقة: يقول: البسكري المدني.. وأن كلتهما سمعتا نسخة أبي مسهر بالمدينة. انظر الضوء اللامع ج 12 ص71، 50، التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي ج2 ص26، 128
21- الدر الكمين بذيل العقد الثمين لعمر بن فهد الهاشمي المكي ج1 ص1479، 1454، إتحاف الورى بأخبار أم القرى للنجم عمر بن فهد: ج4 ص: 250، دور المرأة المكية: نفس المرجع..
22- الضوء اللامع ج 12 ص50، الدر الكمين بذيل العقد الثمين لعمر بن فهد الهاشمي المكي ج1 ص 1454-1455، التبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي ج2 ص 128-129
23- يذكر الدكتور الزهراني أن تعليم المرأة كان أساسا على يد محارمها كالآباء والإخوة وما شابه عن طرق تعليم المرأة المكية انظر: دور المرأة المكية: مجلة الدارة العدد 3 السنة 51 في رجب 1426هـ ص 330-331
24- المحدثة أم الحياء البسكرية عالمة تناستها الأجيال عبد الحليم صيد يومية الشعب: يومي: 23 جويلية 1996 ص 14
25- كانت المرأة المكية تدرس منذ نعومة أظافرها.. انظر: دور المرأة المكية ص 333، 335، 343، 345، 355..الخ
26- إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر ج1 ص 362
27- نسخة أبي مسهر لإمام الشام الفقيه عبد الأعلى بن أبي مسهر المتوفى سنة 218 هـ دراسة وتحقيق: مجدي فتحي السيد. نشر دار الصحابة للتراث سنة 1989.
28- عبد الحليم صيد يومية الشعب: يومي: 23 جويلية 1996 ص 14
29- صيد: ص 14؛ وانظر الضوء اللامع ج 4 ص171-178؛ وعن ألفيته في السيرة انظر: كشف الظنون ج: 1 ص: 747 لحاجي خليفة تحقيق: محمد شرف الدين يالتقايا أحد المدرسين بجامعة استنبول والمعلم رفعت بيلكه الكليسي. دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان..
30- هناك أكثر من واحد يشتهر ب(ابن صديق) وأول من حدد شخصيته هو دور المرأة المكية: ص 336؛ الضوء اللامع ج1 ص147-148، درر العقود الفريدة للمقريزي المجلد 1 ص 73-74، إنباء الغمر ج2 ص270-271، التحفة اللطيفة ج1 ص 126-127
31- الثابت والصريح أنها سمعت على ابن صديق الأربعين حديثا المخرجة للحجار. دور المرأة المكية: نفس المرجع، الدر الكمين لعمر بن فهد الهاشمي المكي ج1 ص1479
(31م) التحفة اللطيفة ج3 ص97، الضوء اللامع ج 5 ص92، كشف الظنون المجلد 1 ص 52-61
32- الدرر الكامنة ج1 ص 142-143
33- الدرر الكامنة ج2 ص 341
34- فهرس الفهارس والأثبات لعبد الحي الكتاني ج1 ص 220/221، إنباء الغمر ج 2 ص 22-23
35- الضوء اللامع ج 11 ص 66-67، درر العقود الفريدة ج1 ص 148-151، ذيل الدرر الكامنة للعسقلاني تحقيق عدنان درويش ص 118
36- الظاهر أن ترجمة الضوء اللامع هي ترجمة مختصرة من معجم شيوخ ابن فهد كما تصلح أن تكون ترجمة مختصرة للدر الكمين..
37- عن الإجازة: انظر: دور المرأة المكية: هامش الصفحة 332 رقم 14، الحياة الاجتماعية والعلمية في مكة في القرنين السابع والثامن للهجرة طرفة عبد العزيز العبيكان مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض 1996 ص 102 وما بعدها؛ وكذلك ص 155 وما بعدها..
38- إنباء الغمر ج2 ص22-23، ذيل التقييد ج2 ص211-212، الدرر الكامنة ج1 ص 10-11
39- ذيل التقييد ج3 ص 361-362، الدرر الكامنة ج 1 ص 438-439
40- درر العقود الفريدة للمقريزي المجلد 1 ص143-144، إنباء الغمر ج 2 ص158-159، الضوء اللامع ج 11 ص 12
41- ذيل التقييد ج2 ص110-112، الضوء اللامع ج 2 ص33
42- الضوء اللامع ج 5 ص 18، ذيل التقييد ج2 ص 418-419، درر العقود الفريدة ج 2 ص 342-343
43- في الدر الكمين: حلة بنت حسن بن العتال؛ ولكن السخاوي في الضوء يجعلها ابنة الكيال؛ والمعروف أن العتال هو الذي ينقل الأحمال بالأجرة، أما الكيال فهو من حرفته الكيل.. والله أعلم. وجاء في هامش ذيل التقييد ج1 ص 363 في ترجمة محمد بن محمد بن أحمد الدمشقي الحنفي المعروف بابن العتال والذي يعتقد أن يكون جدها لأبيها؛ ما خلاصته أنه وقع تصحيف في الكلمة إلى العسال والعطار فلعله كذلك..
44- الضوء اللامع ج 12 ص21؛ لم أجد لها ترجمة غير ترجمة الضوء..
45- الضوء اللامع ج 12 ص101، درر العقود الفريدة مج 3 ص 8
46- الضوء اللامع ج 12 ص103، درر العقود الفريدة مج 3 ص 8، ذيل التقييد ج 3 ص 444-446
47- دور المرأة المكية ص 336، الضوء اللامع ج12 ص 71، التبر المسبوك ج2 ص 26
48- الضوء اللامع ج 6 ص 126-131
49- هناك عبارات لا يتم فهم النصوص إلا بها ولا يمكن فهمها إلا من خلال السياق الذي جاءت فيه وأيضا من خلال المعنى الذي تستعمل فيه في ذلك الوقت..
50- الضوء اللامع ج 12 ص71، الدر الكمين ج1 ص1479، التبر المسبوك ج2 ص 26
51- صيد: ص 14، الحياة الاجتماعية والعلمية في مكة في القرنين السابع والثامن للهجرة طرفة عبد العزيز العبيكان مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض 1996 ص 145 وما بعدها..
52- صيد: ص 14
53- الضوء اللامع ج 9 ص 173، إنباء الغمر ج 2 ص221،
54- صيد: ص 14
55- عيون الأنباء في طبقات الأطباء ج2 ص 39 الطبعة الأولى بالمطبعة الوهبية 1882م
56- التحفة اللطيفة ج 3 ص 616-617 رقم 3880
57- إنباء الغمر ج2 ص 174
58- الضوء اللامع ج1 ص 316
59- صيد: ص 14؛ الدر الكمين يصرح أنها ولدت بالمدينة: ج1 ص1479
60- المرجع السابق
61- المرجع السابق
62- مصمودي: كتاب أعلام من بسكرة ج1 ص 27
63- محاضرة (من علماء الزيبان) للشيخ عبد المجيد حبة تحقيق عبد القادر بومعزة دار التراث




بقلم: عز الدين العقبي

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق