الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الكلام عـند الموت

 قال ابن القــــــيم – رحمه الله – :
"كثيرًا ما يَعْرِضُ للعبدِ عند موتِهِ لَهجه بما يُحبه ، وكثرة ذِكْرهِ له ، وربما خرجت روحُهُ وهو يَلْهَجُ به .وذكر ابنُ أبي الدُّنيا في كتاب "المحتضرين" عن زُفر ، أنَّه جَعَلَ يقولُ عند موتِهِ : لها ثلاثةُ أَخماس الصَّدَاق ، لها رُبُعُ الصَّدَاق ، لها كذا ، ومات ؛ لامتلاء قلبِهِ من محبةِ الفقه والعلم .

وأيضًا ، فإنَّهُ عند الموتِ تنقطعُ شَواغِلُهُ وتبطلُ حَواسّهُ فيظهرُ ما في القلب ويقوى سلطانُهُ فيبدو ما فيه من غير حِاجبٍ ولا مُدَافِع .وكثيرًا ما سُمِعَ من بعض المحتضرين عند الموتِ ، شاه مات . وسُمِعَ من آخر بيتُ شعر لم يزل يغني به حتى مات ، وكان مغنيًا .وأخبرني رجلٌ عن قرابةٍ له أنه حضره عند الموت ، وكان تاجرًا يبيعُ القماش ، قال : فَجَعَلَ يقولُ : هذه قطعةٌ جيدةٌ ، هذه على قَدْرِك ، هذه مُشتراها رخيصٌ يُساوي كذا وكذا ، حتى مات .والحكايةُ في هذا كثيرةٌ جدًا .فمن كان مَشغولا بالله ، وبذكرِهِ ، ومحبتِهِ في حال حياتِهِ ، وَجَدَ ذلك أحوجَ ما هو إليه عند خروجِ روحه إلى الله ، ومن كان مشغولا بغيره في حال حياتِهِ وصحتِهِ ، فيعسرُ عليه اشتغالُهُ بالله وحضوره معه عند الموت ما لم تدركه عنايةٌ من ربه ؛ ولأجل هذا كان جديرًا بالعاقلِ أن يُلزمَ قلبَهُ ولسانَهُ ذكر الله حيثما كان ؛ لأجل تلك اللحظة التي إنْ فاتت شقي شقاوة الأبد . فنسأل اللهَ أن يعيننا على ذكرِهِ وشُكرِهِ وحُسنِ عبادتِهِ " . أهـ

..........................
.................
"طريق الهجرتين " (ص 458)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق