الأحد، 7 أغسطس 2011

التماس الغنى في الزواج

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد جاء هذا الأثر بمعناه عن بعض الصحابة في تفسير قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) [النور: 32].

فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) انتهى.

وأخرج أيضا بسنده عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله). انتهى.

وذكر ابن كثير في تفسيره أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) انتهى.

وأخرج عبد الزراق، وذكره القرطبي في تفسيره أن عمر رضي الله عنه قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) انتهى.


وقد صدق ابن كثير - رحمه الله- فإننا يكفينا الآية في أن طالب النكاح قد وعده الله بالغنى إن كان فقيراً، لكن بشرط أن يقصد في زواجه طاعة الله، وتحصين نفسه عن الحرام.
قال القرطبي في تفسيره: وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضى الله، واعتصاماً من معاصيه. انتهى.

وقال الشنقيطي في أضواء البيان: فيه وعد من الله للمتزوج الفقير من الأحرار والعبيد بأن الله يغنيه، والله لا يخلف الميعاد... ثم سرد الآيات التي وعدت بالرزق لمن أطاع الله واتقاه.... إلى أن قال: والظاهر أن المتزوج الذي وعده الله بالغنى هو الذي يريد بتزويجه الإعانة على طاعة الله بغض البصر، وحفظ الفرج، كما بينه النبي في الحديث الصحيح: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج".
وإذا كان قصده بالتزويج طاعة الله بغض البصر، وحفظ الفرج، فالوعد بالغنى إنما هو على طاعة الله بذلك. انتهى.

ومما يؤيد هذا المعنى ما رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعاً:
"ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله".

قال الطيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها وأصعبها العفاف، لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. انتهى


.............................
مركز الفتوى - بتصرف .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق