السبت، 11 فبراير 2012

تركيب في كلام الله يسجد العقل والسمع للفظه و معناه

من بدائع ابن القيم - رحمه الله -تعليقا على قوله تعالى في سورة الواقعة
(فلولا إذا بلغت الحلقوم.وأنتم حينئذ تنظرون.ونحن أقرب إليه منكم ولكن لاتبصرون.فلولا إن كنتم غير مدينين.ترجعونها إن كنتم صادقين)
قال رحمه الله : [ ولله ما أحسن جزالة هذه الألفاظ وفصاحتها ,وبلوغها أقصى مراتب البلاغة والفصاحة ,مع الاختصار التام ,وندائها إلى معناها من أقرب مكان ,واشتمالها على التوبيخ والتقرير والإلزام ,ودلائل الربوبية والتوحيد والبعث ,وفصل النزاع في معرفة الروح ,وأنها تصعد وتنزل وتنتقل من مكان إلى مكان.
وما أحسن إعادة لولا ثانيا قبل ذكر الفعل الذي يقتضيه الأول ,وجعل الحرفين يقتضيانه اقتضاء واحدا ,وذكر الشرط بين لولا الثانية وما تقتضيه من الفعل ,ثم الموالاة بين الشرط الأول والثاني ,مع الفصل بينهما بكلمة واحدة هي الرابطة بين لولا الأولى والثانية ,والشرط الأول والثاني ,
وهذا تركيب يسجد العقل والسمع لمعناه ولفظه.
فتضمنت الآيتان تقريرا وتوبيخا واستدلالا على أصول الإيمان,من وجود الخالق سبحانه وكمال قدرته ونفوذ مشيئته وربوبيته ,وتصرفه في أرواح عباده ,حيث لايقدرون على التصرف فيها بشيء ,وأن أرواحهم بيده يذهب بها إذا شاء ويردها إذا شاء ,ويخلي أبدانهم منها تارة ويجمع بينها وبينها تارة ,وإثبات المعاد ,وصدق رسوله فيما أخبر به عنه ,وإثبات ملائكته ,وتقرير عبودية الخلق.
وأتى بهذا في صورة تحضيضين وتوبيخين وتقريرين وجوابين وشرطين وجزاءين ,منتظمة أحسن الانتظام ,ومتداخلة أحسن التداخل ,متعلقا بعضها ببعض. وهذا كلام لايقدر البشر على مثل نظمه ومعناه ]
كتاب التبيان في أيمان القرآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق