الأربعاء، 8 فبراير 2012

من لحن القول - لَعِبَ دورًا بارزا



من لحن القول ( لَعِبَ دورًا بارزا )

لما أصبح الّلعب يُلبَسُ لباسَ الجدّ والحزم في قانونه وأحوالِه , واستعداد فرسانه وأبطاله , وامتثالهم لأحكامه وآدابه , وخضوعهم لجزاءاته وعقابه , صارت لفظة الّلعب لفظة محترمة ذات وزن وقدر , وتطور استعمالها بتطوّر معناها , فأصبحت تستعمل فيما يشارك فيه المرء من أمور الحياة صناعة وإنجازًا وإنجاحًا ونحو ذلك , فيقولون لعب فلان في مؤتمر السلام دورا بارزا . وأظن أن المستعمل الأول للّعب على هذا النحو قد استحضر خيالُه صورةَ لاعب ذلك الدّور وهو يذهب ويجي , ويستجيشُ ويَلتجيْ , ويقتَنصُ الفرص ويروغ , ويُعمل الحيلة في تصرفه حتى يصل إلى غايته ويحقق هدفه , فقال عنه : ( لَعِبَ ) استحضارا لهذه الصورة وتشبيها بالّلاعب الذي يسعى إلى تحقيق هدفه , وهذا هو سرّ التطور في استعمال الألفاظ , وسعةِ التشبيه وضروبِ الكنايات , ولا يصح إطلاق اللّعب إلا على ضدّ الجدّ , ولولا قرنية الحال والسياق التي تفهم المقصود لما جاز استعمالها إلا في معناها الأصلي . ولفظ ( دورا ) في قولهم : لعب دورا , يعرب مفعولاً مطلقا , أو مفعولا لـ( لَعِب ) المضمن معنى ( أدّى ) , ولهذا كان رأي الأكثرين من شيوخ مجمع الّلغة بالقاهرة أن يقال : أدّى دورا , مكان : لعبَ دورا , والذوق يرفض أن يُستعمل الّلعب في مقام التدين والمعتقد والجِدّ الخالص فلا يقال : لعب في الإمامة دورا بارزا , وما قلته في أمر الاستحضار والتخيل يمنع صاحبَ الذوق الصائب والنظر الثاقب أن يستعمله إلا فيما هو مناسب له

د.عبدالعزيز الحربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق