الثلاثاء، 20 مارس 2012

عَلاقَةُ التَوْحِيدِ بِالنَّصْرِ وَالتَمْكِينِ







الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أصل هذا المقال هو إجابة عن موضوع المسابقة الطيبة , التي كانت مبادرة من إخواننا الأفاضل من منتديات تبسة , وكانت المسابقة رائقة ذات أسئلة متنوعة في شتَّى الفنون , أسهمت في روح المطالعة وشجعت على الإبداع والكتابة , وكانت فيها جوائز تحفيزية للممشاركين فيها , وما زادها رونقا وجمالا , أنها كانت تحت إشراف الشيخ المفضال طيِّب الخصال عبد الحليم توميات , زاده الله فضلا وثبات , ونفع به المسلمين والمسلمات ... – آمين –

عَـلاقَـةُ الـتَـوْحِـيـدِ بِـالـنَّـصْـرِ وَالـتَـمْكِـيـنِ

- الحمد لله الذي كان بنا رحيما توابا , الحمد لله الذي تحدى الكافرين أن يخلقوا ذبابا , الحمد لله الذي جعل للنصر أسبابا ,
الحمد لله الذي لم يخلقنا سبهللا , بل خلقنا لعبادته أولا , ورزقنا ولم يتركنا هملا , وأرسل إلينا رسلا , فمن أطاعهم دخل الجنة نزلا ,ومن عصاهم دخل النار لا يبدل عنها حِولا, فلله الحمد العزيز الغفار والصلاة والسلام على الحبيب النبي المختار وعلى آله وصحبه الأخيار ومن تبعهم إلى يوم الدين وبعد :
إن المتأمل في حال أمتنا اليوم كمثل فلسطين وخاصة غزة الجريحة , والعراق المنهوبة بالخيانة والفضيحة , والشيشان المنسية القريحة , وأفغانستان والفلبيين والصومال , وكثير من بلاد المسلمين , ليرى ما يتفطر له القلب ويحزن , ويعلوه هم وغم ويكلم , من تغير المآل وتبدل الأحوال , هذه الأمة التي كانت توصف بالعزة , والقوة ,والحضارة , والنصر والتمكين , أصبحت مُهانة ذليلة ,تداس حرماتها صباح مساء , مع كثرة عددها , وجمال صورتها , وواسع أراضيها , دماءًا تُزهق، وأموالاً تُسرق, و أموالا تنتهك , و حرمات تسفك , ذل ما بعده ذل , وهوان ليس بعده هوان , نساء تغتصب , وجامعة عربية لا تغضب , وحكام مكتوفي الأيادي نيام , همهم الوحيد جائزة نوبل للسلام !! وردهم الوحيد التنديد والتنديد ! ليت لهذه الأمة اليوم كمثل عمر أو خالد بن الوليد ...
ضربات مؤلمة موجعة يوجهها أعداء الإسلام للمسلمين شرقاً وغرباً , وكثير من المسلمين اليوم قد أصيب بالإحباط الشديد مما يرى ويسمع ، ولا يعرف كيفية المخرج مما نحن فيه إلا التسلي بالبشارة والفأل مما جاءنا في القرآن والسنة على أن الغلبة والنصر في الأخير دوما تكون لأهل الإيمان لا لعباد الأوثان وأتباع الشيطان , فإن المؤمن إذا عظم إيمانه، وقوي يقينه، وصدقت محبته لخالقه صارت همته المؤكدة، ورغبته الشديدة، وأمنيته العزيزة نصرة هذا الدين ولقد بين ذلك - سبحانه - في كتابه المبين، فقال عن محبة المؤمنين للنصر:
{ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } وبشرنا سبحانه وتعالى بأن النصر في الأخير يكون للمؤمنين :
قال الله _ تعالى _ : [ هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ] .
و قال _ تعالى _ : [ إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ] .
و قال _ تعالى _ : [ و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ].
و قال النبي ( صلى الله عليه و سلم) : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار حتى ما يبقى بيت مدر و لا وبر إلا دخله هذا الدين بِعِزِّ عزيز أو بِذُلِّ ذليل \" (الحاكم ( 1631 - 1632 ).
فهذه نصوص قاطعة بأن الغالب هو دين الله _ تعالى _ و الواعد بذلك هو الله _ تعالى _ و رسوله (صلى الله عليه و سلم ) ؛ و من أصدق من الله حديثاً و قيلاً وقال أيضا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾( سورة محمد الآية 7.) هذه الآية العظيمة خطاب لجميع المؤمنين أوضح فيها سبحانه أنهم إذا نصروا الله نصرهم سبحانه وتعالى. ونصر الله من المؤمنين هو: توحيده وعدم الإشراك به و اتباع شريعته ونصر دينه والقيام بحقه، وليس هو سبحانه في حاجة إلى عباده بل هم المحتاجون إليه كما قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾
قال ابن القيِّم _ رحمه الله _ : ( و اقتضت حكمته _ سبحانه _ أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة و الكسرة مع كثرة عددهم و عُددهم ، و قوة شوكتهم ، ... ، و ليبيِّن _ سبحانه _ لمن قال : ( لن نغلب اليوم من قلَّة ) أن النصر إنما هو من عنده ، و أنه من ينصره فلا غالب له ، و من يخذله فلا ناصر له غيره ، و أنه _ سبحانه _ هو الذي تولى نصر رسوله و دينه ، لا كثرتكم التي أعجبتكم فلم تغنِ عنكم شيئاً ، فوليتم مدبرين ) ( زاد المعاد ( 3/477).
قال أحد العلماء أكثر عوامل النصر التي تستحق الإفراد والتجريد هي:
1. التوحيد .
2. القيادة الراشدة.
3. الثبات.
والذي يهمنا من هذه العناصر العنصر المهم وهو الأول الذي ذكر [ التوحيد ]
والتوحيد هو الاعتقاد الجازم بأنَّ الله ربُّ كلِّ شيء ومليكه وخالقه، وأنَّه الذي يستحقُّ وحدَه أنْ يُفرَدَ بالعبادة؛ من صلاةٍ وصومٍ ودُعَاء، ورجاء وخوف، وذل وخضوع، وأنَّه المتَّصف بصِفات الكمال كلِّها، المنزَّه عن كلِّ نقصٍ.
ومعنى توحيده في هذه الأمور: اعتقاد تفرُّده - سبحانه - بالربوبيَّة والألوهيَّة، وصفات الكمال وأسماء الجلال.
فلا يكون العبد مؤمنًا بالله حتى يعتقد أنَّ الله ربُّ كلِّ شيءٍ ولا رب غيره، وإله كلِّ شيء ولا إله غيره، وأنَّه الكامل في صِفاته وأسمائه، ولا كامل غيرهفعقيدة التوحيد والإيمان ضرورةً لا يستَغنِي عنها الإنسان ليستكمل شخصيَّته ويحقِّق إنسانيَّته.
ولقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد والإيمان أوَّل شيء قام به رسول الله - صلواتُ الله وسَلامُه عليه - لتكون حجر الزاوية في بِناء الأمَّة الإسلاميَّة.
وتحقيق التوحيد إنما يكون بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمداً رسول الله فالمعركة بين الموحدين والكافرين في أصلها وصميمها معركة على العقيدة، وأنّ اللّه حَصَر وقَصَر هذا العداء في الدين، فالكافر أي كافر سواء كان علمانياً أو شيوعياً، نصرانياً أو يهوديا، لا ينقم على الموحّدين إلا إيمانهم الخالص من الشوائب، وأي شعارٍ يُرفع لأي معركة تدور بيننا وبينهم غير شعار الدين هو محض كذب وافتراء، فعداء الكافر الأصلي أو المرتد للمجاهدين الموحدين لا ينطلق أبداً من دافعٍ اقتصادي أو سياسي، إنَّها معركة كفرٍ وإيمان، معركة عقيدة وقضية دينقال اللّه تعالىٰ: ﴿وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾. هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن ندركها
وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن من حقق الدرجة العليا من التوحيد فهو موعود بالنصر والتمكين في الأرض كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً } [النور: 55]. فإذا قام العبدُ بعبادَةِ الله مخلصاً له في أقْوَالِه وأفعالِه وإرادَتِه لا يريدُ بها إلا وجه الله والدار الاخرة ولا يريد بها جاهاً ولا ثناءً من الناسِ ولا مالاً ولا شيئاً من الدُّنيا، واستمَرَّ على هذِه العبادة المخْلصة في السَّراء والضَراءِ والشِّدةِ والرَّخاءِ، مكَّنَ الله له في الأرض.
- إذَنْ فالتمكينُ في الأرضَ يستلزمُ وصفاً سابقاً عليه وهو عبادةُ اللهِ وحْدَه لا شريكَ لهولا يكون تحقيق التوحيد بالتمني ،ولا بالتحلي ، ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق ، وإنما بما وقر في القلوب من عقائد الإيمان ، وحقائق الإحسان؛ وصدقته الأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة الجليلة . فعلى المسلم أن يبادر لحظات العمر ، ويسابق ساعات الزمن في المبادرة إلى الخيرات ، والمنافسة في الطاعات ، وليستهون الصعب ، وليستلذ الألم ، فإن سلعة الله غالية . إن سلعة الله الجنة .. نسأل الله تعالى أن يرفع شأن المسلمين ويرجعهم إلى عزهم القديم ويجعلنا من الموحدين من عباده المخلصين ويحشرنا في الجنة مع النبي قرة العين – آمين –
- سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا الله أستغفرك وأتوب إله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق