الجمعة، 6 أبريل 2012

قِــفَا نَــبكِ - العشماوي

«قِفَا نَبْكِ» من ذكرى صريعٍ مُجَنْدَلِ
بسِقْطِ الأسى بين الهوى والتَّذَلُّلِ

فَدِجْلَةَ فالماءِ الذي صار لونُه
كلونِ حياضِ الذَّبْح يومَ التَّحَلُّلِ

فبغدادَ فالأقصى الجريحِ فصخرةٍ
تئنُّ من الباغي أنينَ المكبَّلِ

فكشميرَ فالافغانِ صارتْ بلادُهم
من البؤسِ تغلي باللَّظى غَلْيَ مِرْجَلِ

فناحيةٍِ الشيشان ِحيث تَزَلْزَلَتْ
بيوتُ بني الإسلام شَرَّ التَّزَلْزُلِ

قفا نَبْكِ من أحوال أمتنا التي
نراها بجمر البَغْي تُصْلَى وتصطلي

ترى قِطَعَ الأشلاء في «عَرَصاتِها»
تعبِّر فيها عن يتيمٍِ ومُثْكِلِ

فكم واردٍِ فيها على حوض موته
وكم ذائقٍ فيها مرارةَ حَنْظَلِ

«وقوفاً بهاصحبي»، يقولون: لا تَقِفْ
حزيناً، «ولا تَهْلَكْ أسىً وتجمَّلِ»

ألم يُبصروا مثلي، تَخاذُلَ أمتي
«فهل عند رسمٍ دارسٍِ من معوَّلِ»؟

ألا يا امْرأَ القيسِ الذي فاض دمعُه
ألست تراني، بَلَّ دمعيَ مِحْمَلي؟!

وصَفْتَ لنا أمَّ الحُوَيْرِثِ عابثاً
«وجارتَها أمَ الرَّبابِ بمَأْسَلِ»

وصفْتَ لنا مِسْكاً تَضوَّع منهما
كما هَبَّ نِسْنَاسُ الصَّبا بالقَرَنْفَلِ

نقلْتَ لنا أخبارَ خِدْرِ عُنيزةٍ
وصَرْخَتَها بالويلِ «إنَّكَ مُرْجِلي»

وفاطمَ إذْ ناديتَها متوسِّلاً
«أَفاطمُ مهلاً بعضَ هذا التَّدَلُّلِ»

نَحَرْتَ على شرع الهوى ناقةَ الهوى
لَتَغْذوَ مَنْ تهوى «بدارَةِ جُلْجُلِ»

«تركتَ العذارى يرتمينَ بلحمها
وشحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ»

لقد كنتَ ضِلَّيلاً تميلُ مع الهوى
كما مالَ في عصري دُعاةُ التحلُّلِ

فكنتَ على ما كُنْتَ قُدْوَةَ ماجنٍ
خليعٍ صريعٍ للتَّمادي مضلِّلِ

ألا يا امْرَأَ القيس الذي ثار قلبُه
لقتل الأبِ المنكوب أَسْوَأَ مَقْتَلِ

تحوَّلْتَ من خمرٍ ولهوٍ وضَيْعَةٍ
إلى حَمَلات الثَّأْر أقوى تَحوُّلِ

تجاوزْتَ حدَّ العقلِ في الثَّأْر، مثلما
تجاوزْتَ في الأَهواءِ حَدَّ التَّعَقُّلِ

ألا ليتَ شعري، لو رأيتَ تخاذُلاً
لأمتنا في حالِها المُتَمَلْمِلِ

فيا ربَّما جرَّدْتَ سيفكَ مُقبلاً
«بمنجردٍ قيدِ الأَوابدِ هيكلِ»

تبدَّلْتَ في حالَيْكَ، والأمَّةُ التي
تعوَّذَ منها الذُّلُّ لم تتبدَّلِ

الشاعر عبد الرحمن العشماوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق