أيتها النفس إن كانت القساوة تمنعك عن قبول الموعظة فاستعيني عليها بدوام التهجد والقيام ، فإن لم تزل فبالمواظبة على الصيام ، فإن لم يزل فبقلة المخالطة والكلام ، فإن لم يزل فبصلة الأرحام واللطف بالأيتام ، واستعيني بأرحم الراحمين ، واشتكي إلى أكرم الأكرمين ، وأدمني الاستغاثة ، ولا تملي طول الشكاية ، لعله أن يرحم ضعفك ويغيثك ، فإنَّ مصيبَت...َك قد عظمت ، وبليتَك قد تفاقمت ، وتماديك قد طال ، وقد انقطعت منك الحيل ، وراحت عنك العلل ، فلا مذهب ولا مطلب ، ولا مستغاثَ ولا مهرب ، ولا ملجأَ ولا منجا إلا إلى مولاكِ ، فافزعي إليه بالتضرع ، واخشعي في تضرعك على قدر عظم جهلك وكثرة ذنوبك ؛ لأنه يرحم المتضرع الذليل ، ويغيث الطالب المتلهف ، ويجيب دعوة المضطر ، وقد أصبحت اليوم مضطرة ، وإلى رحمته محتاجة ، وقد ضاقت بك السبل ، وانسدت عليك الطرق ، وانقطعت منك الحيل ، والمطلوب كريم ، والمسؤول جواد ، والمستغاث به بر رؤوف ، والرحمة واسعة ، والكرم فائض ، والعفو شامل]
.
"إحياء علوم الدين" (4/416-422)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق