الأحد، 5 يونيو 2011

حكمة عدم حصول المراد عند الدعاء

 
حكمة عدم حصول المراد عند الدعاء
 
يقول ابن الجوزي - رحمه الله - :" من الجهل أن يخفى على الإنسان مراد التكليف ، فإنه موضوع على عكس الأغراض ، فينبغي للعاقل أن يأنس بانعكاس الأغراض ، فإن دعا وسأل بلوغ غرض ، تعبد الله بالدعاء : فإن أعطي مراده ، شكر ، وإن لم ينل مراده فلا ينبغي أن يلح في الطلب ؛ لأن الدنيا ليست لبلوغ الأغراض ، وليقل لنفسه : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئ...ًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) البقرة/216 ، ومن أعظم الجهل أن يمتعض في باطنه لانعكاس أغراضه ، وربما اعترض في الباطن ، أو ربما قال : حصول غرضي لا يضر ، ودعائي لم يستجب ، وهذا كله دليل على جهله وقلة إيمانه وتسليمه للحكمة ، ومن الذي حصل له غرض ثم لم يكدر ؟! هذا آدم ، طاب عيشه في الجنة ، وأخرج منها ، ونوح سأل في ابنه فلم يعط مراده ، والخليل ابتلي بالنار ، وإسحاق بالذبح ، ويعقوب بفقد الولد ، ويوسف بمجاهدة الهوى ، وأيوب بالبلاء ، وداود وسليمان بالفتنة ، وجميع الأنبياء على هذا ، وأما ما لقي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الجوع والأذى وكدر العيش فمعلوم ، فالدنيا وضعت للبلاء ، فينبغي للعاقل أن يوطن نفسه على الصبر ، وأن يعلم أن ما حصل من المراد فلطف ، وما لم يحصل فعلى أصل الخلق والجبلة للدنيا ، كما قيل:   
             طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفوًا من الأقذاء والأكدَارِ 
" صيد الخاطر " ص399
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث اليوم

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق